ما الذي يجعل من الأسواق أسواقا ناشئة؟
ما زالت كل من قطر والإمارات، تنتظران ترقية أسواقهما المالية من أسواق نامية إلى أسواق ناشئة، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت.
فقد ورد في النسخة الإلكترونية لصحيفة "وول ستريت جورنال" التقرير التالي: "قرر مؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال، تأجيل البت في ترقية أسواق الأوراق المالية لكل من الإمارات وقطر ستة أشهر أخرى، وهو ما شكل ضربة قوية للمستثمرين المحليين، الذين يرون في الترقية إلى سوق ناشئة، وسيلة لتنشيط مستوى التداول الذي يشهد تراجعا". وكمدير أكاديمي لحرم إنسياد أبوظبي، ومن المقيمين في المنطقة لأكثر من عامين ونصف العام، فإنني أجد هذه الحقائق مثيرة للاهتمام.
وبقدر فهمي في الأمور المالية، أريد هنا أن أكون حريصا على تأكيد محدودية هذا الفهم، فإن التغير على المؤشر، قد يكون له تأثير في معنويات المستثمرين، لسببين على الأقل: الأول منهما جوهري، وستؤدي ترقية المؤشر إلى تحسينات في الركائز الاقتصادية الكامنة. أنا لم أرَ دلائل تشير إلى أن الترقية في مؤشر السوق العالمية لـ "مورجان ستانلي"، تتتبع بدقة التحسينات في الركائز الاقتصادية الكامنة.
أما السبب الثاني الذي يجعل الترقية تدفع باتجاه مزيد من الاستثمارات، فهي دينامية التحقيق الذاتية، التي تجعل المستثمرين يدخلون إلى السوق بعد الترقية، بناء على الاعتقاد أن الآخرين سيدخلون أيضا. وإذ أفترض أن خيبة الأمل لدى المستثمرين المحليين مردها الأمل بأن الترقية ستنعش الوضع، فإنني أود أن أشير إلى أن هذا الأمل لا مبرر له. باختصار، فإنني لا أشاركهم الأمل بأن هذه الشهادة الأجنبية، ستعيد تنشيط مستوى التداول الذي يشهد تراجعا.
من أجل فهم شكوكي حول هذه المسألة، ينبغي النظر إلى السؤال التالي: هل ثمة أمل حقيقي في اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية إلى الأسواق المالية التي لا تجتذب حتى جزءا بسيطا من الأموال الهائلة المتأتية من الصادرات النفطية؟ وكما قد يتبادر إلى أذهانكم، فإنني أعتقد أن الجواب عن هذا السؤال هو بالقطع "لا".
وفي الوقت ذاته، فإنني لا أريد أن أكون متشائما حول أهمية الأمل بالحصول على شهادة "مورجان ستانلي" دون أن أطرح بديلا بناء. أنا أؤيد، على وجه الخصوص، إعادة تصميم السوق هندسيا، حيث تكون قادرة على حل مسألة المصالح التنافسية بشكل فعال. أنا أطرح هذه الفكرة، وأفصح بشكل كامل بأنني أمريكي، وحيث إنني عشت خارج الولايات المتحدة في السنوات الماضية، فإنني غالبا ما سئلت عن النجاحات الاقتصادية لبلادي "والتجاوزات، التي سأتجاهلها لأغراض مقالتي هذه". وفي معرض الحديث عن النجاحات، فقد كانت إجابتي تتركز على عامل واحد: هنالك بند في دستور البلاد ينص على أن التجارة بين الولايات يقتصر تنظيمها على الحكومة الفيدرالية. وفي اعتقادي أن هذا البند قد أوجد السوق التي تحتل المركز الأول في العالم، وأطلق عملية تكامل اقتصادي استمرت حتى يومنا هذا، بل توسعت على نطاق عالمي.
التفكير في أصل ونشأة هذا البند القانوني، يعيدني إلى أهمية العملية التي حَلَّت مشكلة تضارب المصالح بنجاح. ومما يجدر ذكره، أن هذا البند من القانون لم يُسن من أجل إيجاد سوق على مستوى كبير، وإنما سُنَّ بسبب رفض نيويورك الانضمام إلى الاتحاد، لأن بنسلفانيا تتقاضى ضرائب عن البضائع المستوردة من نيويورك، كما رفضت بنسلفانيا الانضمام إلى الاتحاد، لأن نيويورك تتقاضى ضرائب عن البضائع المستوردة من بنسلفانيا.
من الواضح أنه كان للاتفاق الدستوري بين ممثلين عن 13 ولاية، شاركوا فيه على قدم المساواة، نتائج مرضية. لا أقول هذا من أجل أن أقترح على الإمارات أو غيرها أن تحاكي ما جرى في مكان آخر، فقد لا يكون هذا أكثر فائدة من محاولة اجتذاب استثمارات أجنبية عن طريق الحصول على تصنيف معيّن للسوق المحلية للأوراق المالية من وكالة تصنيف خارجية. وبالمقابل، فإنني أحث المستثمرين المحليين، على تصميم برنامج تبادلي متميز، وقادر على حل مشكلة تضارب المصالح، وهذا هو الطريق الأضمن للنجاح في تكوين أسواق لرؤوس أموال محلية، تجذب انتباه وأموال المستثمرين المحليين والأجانب.
بهذه الروحانية، أود أن أختم باقتراح محدد، قد يبدو بعيد المنال وهو: على الشركات المحلية الكبيرة في الإمارات العربية المتحدة أن تتبادل الأسهم مع شركات أخرى، وتتطلب قواعد هذا التبادل أن يكون المخرج من هذه الاستثمارات مستندا إلى الندية في سوق الأسهم المحلية، والنتيجة هي أن يكون لجميع أصحاب المصلحة الرئيسيين حصصهم من الأسهم، التي يجب أن يتم تداولها في المبادلات المحلية. إن عملية عادلة وتشاركية لوضع قواعد ومعايير تحكم هذه المبادلات، ستؤدي على الأغلب، إلى صياغة برنامج للتداول من شأنه تسهيل المعاملات، وأنا على ثقة بأن برنامجا كهذا سيعمل على استقطاب المستثمرين المناسبين، والاستثمارات الأجنبية المناسبة للاقتصاد المحلي، وأعتقد أن هذه استراتيجية واعدة وأكثر نفعا من الأمل بالحصول على شهادة من "مورجان ستانلي" لتنشيط السوق المالية التي ليس بمقدورها أن تستقطب رأسمال محليا وافرا.