تجاعيد الكلمات
أجرى صديق صديقي عملية تكميم للمعدة لإنقاص وزنه. وبعد أن أجرى العملية بنجاح اختفى عن أنظار صاحبي. كلما حاول أن يلتقيه لم يستطع. وزاد قلقه عندما لاحظ أنه منذ أن خرج من المستشفى لا يظهر وجهه في "سناب شات"، تطبيق الفيديوهات القصيرة، على غير العادة قبل إجرائه العملية.
استمر صديق صديقي في العزوف عن اللقاءات الاجتماعية رغم أنه كان شابا اجتماعيا لا يخلو منه أي لقاء. أثار هذا الغياب الكبير أسئلة صديقي. فراح يسأل أقرب المقربين منه عن سر هذا الاحتجاب المريب. فجاوبه أحدهم أن اختفاءه يعود إلى ردود الأفعال السلبية التي تلقاها بعد العملية. فالكثير وبخوه بعدها. أحدهم صرخ في وجهه بعد أن شاهده، "أصبح وجهك وجه رجل كهل. كثير التجاعيد قليل الحياة". وآخر قال له، "ارتكبت أكبر خطأ في حياتك. يا ليت ظللت سمينا ولا أصبح وجهك هكذا".
أدت هذه الردود القبيحة صاحب صاحبي إلى اعتزال الناس تجنبا للكمات جديدة. فأضاءت في رأس صديقي فكرة. كتب رسالة إلى صديقه، "زرتك في عملك. ولاحظت انشغالك فلم أحب أن أقاطعك وأزعجك. عموما سعدت بإطلالتك الجديدة متحررا من أغلال السمنة. رأيتك أكثر وسامة وبريقا. سلمت لمحبيك".
لم تمر خمس دقائق من الرسالة حتى اتصل به صديقه، ولم تمض ساعتان إلا والتقيا. كانت كلمات صديقي شفاء لصاحبه.
ولاحظ صاحبي أن صاحبه بعد هذا اللقاء استعاد تدريجيا ثقته بنفسه. بدأ يواجه الانتقادات برحابة صدر أكبر.
في مثل هذه المواقف يجب أن نقول خيرا أو لنصمت. فالعملية أجراها ولا يستطيع إعادة شريط الزمن. فانتقادنا لا قيمة له.
وسبحان الله الكلمة الطيبة التي وصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تضيء وجه المرء وتنير قلبه فلمَ نحرم أحبتنا منها؟
كلمات بسيطة تعزلنا وتمرضنا وأخرى تبهجنا وتسعدنا.
نمسك أشياءنا برفق وحذر، نخشى عليها أن تُجرح، في المقابل؛ نلقي الكلام على عواهنه، غير مدركين أنه قد يخدش أرواحا أثمن وأغلى من الأشياء كلها.
إذا غاب صديق عنك فجأة يا صديقي، لا تبخل عليه بحبك. فهو حتما أحوج ما يكون إلى مطر كلماتك لا عتبك. وقطعا سيعود أشهى وأزكى.