المستقبل مع الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي مع تقنية الدرونز إلى جانب الهندسة الجينية هي المجالات الأساسية التي ستعمل على تشكيل المستقبل. وأهمية الذكاء الاصطناعي تكمن في تعلُّم الآلة وظيفة ما وإتقانها لدرجة لم يسبق للبشر الوصول إليها. طريقة التعلم هذه تفتح أبوابا لمجالات عديدة يمكن الاستفادة فيها من تطبيقاته، فلا تنحصر فقط في عالم الحواسيب والروبوتات، بل إنها تصل مجالات عملية، مثل الزراعة وصناعة الأدوية والتأمين، بأخرى نظرية، مثل خوارزميات حل المشكلات، والاستخدام الأمثل للموارد، فكيف يعمل الذكاء الاصطناعي على تعليم نفسه؟
كل الآلات تعتمد في أساسها على برمجيات تم تطويرها لتعطي ردودا محددة لأوامر محددة، وبالتالي تعكس الخوارزميات الحالية طريقة التفكير البشري في البرمجة لأداء وظائف معينة بشكل أكثر كفاءة وسرعة، ولكن مع تطور الـ"بوتس"، وأعني هنا البرامج الروبوتية أو البرامج الآلية، بات من الممكن أن تعمل الكمبيوترات على تطوير برامج آلية لأداء وظيفة محددة، عن طريق بناء خوارزميات لتحليل البيانات. كل ما نحتاجه في بداية الأمر هو مسألة أو مشكلة محددة، تتوافر فيها كمية كبيرة من البيانات القابلة للمعالجة. بعد تحديد الغرض من البرنامج الآلي، يقوم المبرمج البشري ببناء برنامجين بسيطين: هدف البرنامج الأول ـــ وهو البرنامج المبرمج ـــ بناء برامج تعمل على وضع خوارزميات لمعالجة المشكلة، والآخر ـــ وهو البرنامج المختبر ـــ يقوم باختبار أداء البرامج التي يبنيها البرنامج الأول.
أول البرامج الآلية، التي سيبنيها البرنامج المبرمج، سيعتمد خوارزميات عشوائية في حل المشكلة؛ أي أنها غير قادرة تقريبا على إضافة أي جديد إلى الحل النهائي، ولكن هذه العملية العشوائية تعمل على إيجاد بيانات جديدة عن أداء البرامج الآلية الأولية. وهذه البيانات ستنتج عن طريق اختبار البرامج الآلية في مستوى قدرتها على حل المسألة. بيانات البرامج الآلية، التي تفوقت في الأداء، تُعطَى إلى البرنامج المبرمج لتحليلها ومعرفة الأمر الصحيح الذي قامت به. يلي ذلك جيل ثانٍ من البرمجيات الآلية، يتفوق في أدائه على الجيل السابق، وهكذا دواليك حتى يتم بناء خوارزم يمكنه التنبؤ بدقة كبيرة لتوقع الإجابة الصحيحة. كيف يفعل البرنامج الآلي ذلك؟ لا أحد يمكنه الإجابة عن هذا السؤال بدقة؛ وذلك لأن تحوُّل البرنامج الآلي من العشوائية المطلقة إلى التفكير المنطقي، يتطلب كمًّا هائلا من البرمجة يستعصي على الفهم. أحد الأمثلة على ذلك هو تطوير برنامجين آليين لشركة فيسبوك لغة تمكنهما من التخاطب معا، لم يقدر مبرمجو الشركة على فهمها.
ما يفتح المجالات كلها أمام تطبيقات الذكاء الاصطناعي هو هذا المنهج من التكرار والتعلم من الأخطاء، الأمر الذي يجعله قادرا على حل بعض المشكلات التي لا تتوافر فيها معطيات كافية، وبالتالي لن تقف البرمجيات الآلية عند حدود الوظائف البسيطة، إنما ستتمكن مع تطورها من الوصول إلى أعلى مستويات صناعة القرار؛ حيث تمكن المدير من اتخاذ القرارات بدقة أكبر.