مجالات التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني
الأصل في الأعمال أنها مدنية بطبيعتها، حيث لا تثبت صفة التاجر إلا للشخص الذي يمارس العمل التجاري على سبيل الاحتراف، وذلك متى تمتع هذا الشخص بالأهلية الخاصة لممارسة الأعمال التجارية، ومن ثم فإن التعاملات التي يقوم بها ذلك التاجر تخضع لقواعد خاصة تختلف عن تلك الأعمال التي يقوم بها غير التاجر. ولعل من أهم المبادئ التي تحكم العمل التجاري هو مبدأ حرية الإثبات، بمعنى أنه يمكن إثبات الأعمال التجارية بجميع طرق الإثبات، ومنها البينة، وشهادة الشهود، والدفاتر التجارية، وكذلك الخطابات، والمراسلات، أما إثبات الأعمال المدنية فتخضع لبعض القيود، كاشتراط الكتابة لإثبات التصرفات القانونية. كما تتميز المعاملات ذات الطبيعة التجارية بخضوعها للإعذار الذي هو إخطار الدائن لمدينه بحلول أجل دينه، وهو أيضا وضع المدين وضع المتأخر في تنفيذ التزامه وتبدو أهمية الإعذار من حيث إنه يعطي للدائن حق فسخ العقد، أو المطالبة بالتعويض عن التأخير في الوفاء. وقد جرى العمل في المعاملات التجارية على أنه يجوز للدائن إعذار المدين بدين تجاري بالوفاء بالطرق كافة، التي تشمل الخطابات العادية، والتلغرافات، والإخطارات عن طريق برقيات أو فاكسات، وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، وذلك نظرا للسرعة التي تتميز بها الحياة التجارية، كما تختلف المعاملات التجارية عن المدنية بخضوع الثانية إلى نظام الإفلاس هو نظام لتصفية أموال التاجر المفلس تصفية جماعية إذا تخلف عن دفع ديونه التجارية، وقسمتها بين الدائنين قسمة غرماء، بحيث تغل يد التاجر المفلس عن إدارة أمواله، ويتعرض لعقوبات جنائية في حالة الإفلاس بالتقصير أو بالتدليس، وعليه فإن نظام الإفلاس يمتاز بالقسوة على التاجر المفلس رغبة من المنظم في دعم الائتمان التجاري وحماية الدائنين. أخير وليس آخرا، فإنه من المعلوم أن القاعدة أنه لا يجوز للمحكمة المختصة منح المدين بدين تجاري مهلة للوفاء بذلك الدين أو تقسيطه (المادة 63 من نظام الأوراق التجارية السعودي) واستثناء مما تقدم، يجوز للمحكمة التجارية أن تمنح المدين مهلة مناسبة للوفاء بدينه إذا ثبت لها أن المدين قد لحقه ضرر في أعماله التجارية، وأنه يمر بضائقة مالية حقيقية، ولكن إذا تبينت المحكمة خلال مدة المهلة أن المدين يقصد الإضرار بالدائن فإن المحكمة لها أن تسقط هذه المهلة، وتأمر بالتنفيذ على أموال المدين.
مستشار قانوني
[email protected]