الزوجة الأولى في التعدد
يعد التعدد أحد أكبر القضايا حساسية عند المرأة، لأنه يمس أعظم ما يملكه الإنسان ويحيا به، الكرامة والمشاعر. وكثيرا ما يستخدم بشكل يسيء إليها ويثير حفيظتها، فالزوج يستخدمه كأسلوب تهديد وضغط لإرضاخ الزوجة، والواعظ يستخدمه كأسلوب ترهيب عنيف إن هي عارضت ورفضت ودفعها إلى الصبر على ما تكره كواجب. مالا نختلف عليه أن الزواج عقد مقدس وشراكة بين طرفين، وليس لأحدهما التخطيط في مسارها ولا القرار فيها دون الطرف الآخر. والأصل في عقد الزواج الأبدية، وفي حالات يتفاوت حكم الانفصال فيها بين الوجوب والاستحباب والكراهة وليس من بينها التعدد. المرأة ليس لها حق منع زواج زوجها من أخرى كأمر جائز، لكن لها حرية القرار في قبول هذا التغير الكبير في حياتها بالبقاء معه أو الخروج من بيته لأنه غير ملزِم شرعا. ولا يوجد في الشرع ولا القانون ما يجرم المرأة عند عدم قبولها زواج شريكها، فالتعدد أذى كما سماه النبي - عليه الصلاة والسلام - عندما منع عليا من الزواج على ابنته بقوله: "وإِنَّمَا فَاطِمَةُ بضْعَةٌ مِنِّي، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا". الزوجة يجوز لها في حال كرهت زوجها الخلع، فكيف تجبر على حياة ترى أنها متحققة الضرر.
ما يتداول في الآونة الأخيرة من مقاطع عن تحريم الجنة عن من تعارض زواج شريكها أو عظم وزرها، فهو قبل أن يكون مبالغة وانتهاكا لحياة المرأة وحريتها في القرار وتحميلها فوق ما تطيق، هو افتراء على الله، والله منزه عن الظلم وعن إجبار عباده على أمر بالقسر. المرأة - بالتأكيد - هي الأقدر على معرفة قدرتها الحياتية وطاقتها العاطفية في تحمل وجود شريكة تناصفها الحياة بلا قيود أو نظام يضمن لها العدل، في أمر متروك للتجربة ولمروءة الزوج. وما أراه أن المرأة اليوم أصبحت قادرة وبمهارة على تحقيق الموازنة العادلة في قراراتها والتمييز بين الحقيقة والمبالغة.