أحكام وضوابط المسؤولية المدنية في النظام السعودي «3»
في إطار السلسلة المخصصة لموضوع المسؤولية المدنية في النظام السعودي سنتحدث في مقال هذا الأسبوع عن أنواع المسؤولية المدنية حيث سبق أن بينا أن المسؤولية المدنية تنقسم في عمومها إلى مسؤولية عقدية ومسؤولية تقصيرية، حيث تكون المسؤولية عقدية متى كان الالتزام الذي حدث الإخلال به مصدره العقد، بينما تكون المسؤولية تقصيرية إذا كان الالتزام الذي حدث الإخلال به مصدره عمل غير مشروع.
تنشأ المسؤولية العقدية بسبب عدم تنفيذ الالتزام العقدي أو تنفيذه تنفيذا معيبا "يختلف الأمر بحسب طبيعة الالتزام ما إذا كان التزام بتحقيق نتيجة أو التزام ببذل عناية"، وبشرط أن يكون التنفيذ المعيب أو عدم التنفيذ راجعا لفعل المدين أو امتناعه وليس لأسباب خارجة عن إرادة المدين. ولكي تقوم المسؤولية العقدية لا يكفي أن يوجد عقد صحيح، وإنما يجب حصول إخلال بالتزام عقدي، وأن يترتب الضرر نتيجة عدم تنفيذ العقد أو أي بند من بنوده.
أما المسؤولية التقصيرية فإنها تقوم نتيجة الإخلال بالالتزام القانوني العام الذي يقضي بعدم الإضرار بالغير، فكل إخلال بهذا الالتزام العام يرتب مسؤولية المخل، ويسأل نتيجة هذا الإخلال عن تعويض ما يقع بالمضرور من أضرار فالقاعدة تنص على أن خطأ سبب ضررا للغير يلتزم من ارتكبه بالتعويض.
وما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن المسؤولية بنوعيها العقدية والتقصيرية قد لا تكون ناتجة عن فعل المدين نفسه، حيث قد يكون المدين مسؤولا عن تعويض الدائن حتى ولو لم يكن هو شخصيا قد ارتكب الخطأ وهو ما يعرف بالمسؤولية عن فعل الغير "مسؤولية المتبوع عن عمل تابعه والمسؤولية عن الأشياء"، ولقيام هذا النوع من المسؤولية لابد من توافر شروط معينة ذكرتها محكمة الاستئناف الإدارية في الققضية رقم 2175/ق لعام 1436هـ، حيث جاء في الحكم أنه يشترط في قيام مسؤولية المتبوع توافر ثلاثة شروط وهي أولا: قيام رابطة التبعية بين المتبوع والتابع، ثانيا: ارتكاب التابع لعمل غير مباح "خطأ" يلحق ضررا بالغير، ثالثا: حدوث العمل أثناء تأدية العمل أو بسببه. فمتى توافرت هذه الشروط كان المتبوع مسؤولا عن أعمال تابعه وكان ملزما بجبر الضرر المترتب على تلك المسؤولية.
مستشار قانوني
[email protected]