جانيت يلين والتعددية المالية الجديدة «2 من 2»
تميل حقوق السحب الخاصة إلى التراكم لمصلحة الدول الأقل احتياجا إليها. وفي الأرجح، تحول الدول المنخفضة الدخل حقوق السحب الخاصة التي تحصل عليها بالفعل إلى عملات قابلة للاستخدام بحرية. وانطلاقا من إدراكها هذه الحقائق، أشارت يلين إلى الاستعداد إلى النظر في حلول محتملة. على سبيل المثال، من الممكن أن توجه دول "مجموعة العشرين" حقوق السحب الخاصة التي لا تحتاج إليها لدعم التعافي الاقتصادي في الدول المنخفضة الدخل. وهذا من شأنه أن يفتح الطريق لإنشاء صناديق تقوم على حقوق السحب الخاصة. مع ذلك، حتى بموجب نظام التخصيص القائم، فإن تخصيص حقوق السحب الخاصة بما يعادل 100 في المائة من حصص صندوق النقد الدولي الحالية ــ كما تدعو إيطاليا التي تترأس "مجموعة العشرين" حاليا ــ كفيل بتوليد ما يقرب من 15.2 مليار دولار للدول الأكثر فقرا. وهذا أكثر من متوسط الإقراض الميسر السنوي الذي يقدمه صندوق النقد الدولي من خلال صندوق النمو والحد من الفقر "1.25 مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة".
علاوة على ذلك، لا ترتبط حقوق السحب الخاصة بشروط. لذا، من خلال الدعوة إلى استخدامها، أقرت يلين فعليا بأن السيولة المرنة غير المشروطة ــ وليس الإقراض الميسر ــ هي شبكة الأمان المطلقة. وهي في الوقت ذاته، تشدد على الحوكمة السليمة والحاجة إلى إنشاء معايير مشتركة، وبالتالي تعزيز الشفافية والمساءلة في عمليات تبادل حقوق السحب الخاصة.
يقودنا هذا إلى المشكلة الواضحة التي يتجاهلها الجميع: كيف تستخدم الدول حقوق السحب الخاصة؟ هل ينبغي لها أن تسمح باستخدامها، ولنقل، لسداد أقساط الديون الثنائية؟ في هذه الحالة، قد تعود هذه الأموال المتعددة الأطراف بالفائدة على دائنين ثنائيين مثل الصين ــ وهي النتيجة التي حذر منها ستيفن منوشين، سلف يلين. تتطلب الإجابة عن مثل هذه التساؤلات بذل جهد أوسع لمعالجة الفجوات المتسعة العديدة في النظام المالي الحالي المتعدد الأطراف ــ وهي الثغرات التي غالبا ما تركت الدول المحتاجة ماليا مع أقل القليل من الخيارات الصالحة. نتيجة لهذا، اضطرت الدول المنخفضة الدخل في كثير من الأحيان إلى اللجوء إلى الإقراض الثنائي المرهق، وأصبحت رهينة لدائنين من القطاع الخاص وكيانات مختلطة، مثل بنوك الصين المملوكة للدولة. وأفضى هذا إلى ظهور تفاوتات كبيرة بين أنماط مختلفة من الديون، وأنواع مختلفة من الدائنين.
للتصدي لهذه المشكلات، يجب أن تكون الأدوات المالية المتعددة الأطراف متاحة للدول المحتاجة. علاوة على ذلك، يتعين على "مجموعة العشرين" أن تتخذ تدابير أقوى لتعزيز القدرة على تحمل الديون، وتنسيق العمل الدولي، والوساطة في صفقات الديون العادلة بين الدائنين الثنائيين، وخاصة الصين، والمدينين من ذوي الدخل المنخفض. النبأ السار هنا هو أن يلين ــ بتركيزها على الحوكمة، والمرونة، والإتاحة ــ تدرك كما يبدو وجود الثغرات التي تعيب البنية المالية الدولية. ولا نملك إلا الأمل في أن تستمر في قيادة الطريق نحو تعددية مالية جديدة تعالج هذه الثغرات.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.