حالة الأغذية والزراعة 2021 - 2022 «3 من 3»
يتم إنتاج الأغذية وتجهيزها من مصادرها المختلفة سواء المزارع أو المصانع وتوزيعها بواسطة أنواع مختلفة من سلاسل الإمدادات التي تختلف من حيث التركيبة والتكنولوجيا والمنتجات. وتعكس التغيرات التي تحدث اليوم جراء الظروف الحالية تغييرا كبيرا في سلاسل الإمدادات الغذائية وطرق تداولها، وتشمل هذه التغيرات ظروفا اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية ولوجستية.
ومع أن معظم الابتكارات تنشأ في الاقتصادات الأكثر تقدما، إلا أن سيادة العولمة والتواصل الكبير عبر الوسائل السريعة تعجل من عملية تبنيها في جميع أنحاء العالم. وتعد المتاجر الكبرى والمستودعات السحابية والتطبيقات على الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والتجارة الإلكترونية ضرورية لتحويل النظم الزراعية والغذائية. وينبغي على الجهات الفاعلة في سلاسل الإمدادات الغذائية التكيف والتحول كي تظل قادرة على البقاء اقتصاديا والمشاركة بنشاط في النظم الزراعية والغذائية.
ويعزز الابتكار في تكنولوجيات الأغذية عموما إنتاجا ومعالجة وتداولا ورأس المال البشري والقدرة على إدارة المخاطر المتعددة والتكيف مع الوقائع المتغيرة الصحية والاجتماعية. ويجب تعزيز الصلة بين الأوساط الأكاديمية والصناعة لتعزيز روح المبادرة وتفعيل النتائج العلمية لواقع عملي ملموس ومن المهم بالقدر نفسه تشجيع الابتكارات المؤسسية والاجتماعية والمالية في سلاسل القيمة والوصول إلى الأسواق والمستهلكين.
وقد أوضحت جائحة كوفيد - 19 تكلفة التأقلم والتكيف المرتفعة عند حدوث صدمة ما. وبينما تأقلمت سلاسل الإمدادات العالمية وتكيفت على نحو جيد، كانت التكلفة الإجمالية لاستيعاب الأزمة والاستجابة لها هائلة من حيث الخسائر في الأرواح وسبل العيش والأضرار التي لحقت بالاقتصاد. وغالبا ما تدفع الدول منخفضة الدخل الثمن. ويؤكد ذلك الحاجة الملحة إلى الاستثمار في إدارة المخاطر وبناء القدرات على الصمود، ولا سيما في وجه الاضطرابات الناجمة عن تغير المناخ والجوائح والأزمات الاقتصادية في المستقبل، بطرق تقلل من المخاطر إلى أدنى حد ممكن وتستفيد إلى أقصى حد من أوجه التآزر المحتملة.
ومن الضروري التخطيط والاستثمار لضمان قدرة سلاسل الإمدادات الغذائية على الصمود بجميع قدراتها الرئيسة الخمس: الوقاية والاستباق والاستيعاب والتكيف والتحول في مواجهة الصدمات وحالات الإجهاد. ومن الضروري الاستثمار في البنية التحتية "الطرق والتخزين ونظم الطوارئ" وآليات الدعم الاقتصادي. وفي بعض الحالات، قد تؤدي الصدمات طويلة الأجل إلى التأثير الحاد في الإنتاج الزراعي ومؤسسات الإنتاج الزراعي والغذائي الصغيرة ومتوسطة الحجم. ويجب أن يكون وضع الخطط التي تأخذ في الحسبان خيارات الجهات المتعددة داخل سلاسل الإمدادات ومصالحها، فضلا عن قدرة القطاعين العام والخاص والتآزر بينهما والترتيبات الاستباقية على إدارة المخاطر المتعددة من الأولويات الرئيسة لتوافر مخزونات غذائية مستدامة قدر المستطاع.
يعد إنشاء جمعيات وتعاونيات المنتجين وتعزيزها واعتماد ممارسات إنتاجية أكثر استدامة، بما في ذلك الزراعة الإيكولوجية والزراعة الذكية مناخيا وصون التنوع البيولوجي، من النواحي المهمة لتعزيز القدرة على الصمود.
إن ضمان التنوع في الجهات الفاعلة يعد حجر زاوية للقدرة على الصمود والاستجابات لبناء نظام زراعي وغذائي قوي في وجه المخاطر المتعددة وأوجه عدم اليقين. فالتنوع يوفر شبكة للتعلم والتحول، وللوقاية من المخاطر والتخفيف من حدة الظروف غير الملائمة، ولضمان المرونة في الاستجابات لمختلف الاحتياجات. كذلك، يتصف التنوع في النظم الزراعية والغذائية بإنتاج سلع أساسية مختلفة والاعتماد على مصادر مختلفة للعرض والطلب، على الصعيدين المحلي والخارجي. وتكون سلاسل الإمدادات الغذائية التي يمكنها الوصول إلى مصادر مدخلات وأسواق مخرجات أكثر تنوعا أقل عرضة للضعف. كذلك فإن الاعتماد على شركاء تجاريين متعددين يمكن أن يعزز المخزون الآمن من خلال الاستيراد من مصادر عرض مختلفة أو التصدير إلى منافذ طلب متنوعة، ما يخفف من الأثر الذي يمكن أن تخلفه الصدمات المتزامنة في مكان واحد.
وغالبا ما يكون نقل الأغذية من المناطق الريفية والزراعية المشتتة والنائية، ولا سيما في دولة مثل المملكة التي تعد قارة لاتساعها، إلى مراكز طلب حضرية بعيدة عملية مكلفة جدا، خاصة السلع المبردة أو المجمدة. وقد يفتقر معظم صغار المنتجين الزراعيين إلى الخبرة ورأس المال أو إمكانية الحصول على الائتمان لشراء هذه الوسائل اللوجستية أو استخدامها. وتكاد نظم التوزيع التي يعتمدونها تكون مجزأة وأقل كفاءة من الشبكات المركزية في سلاسل الإمدادات الغذائية الحديثة الأمر الذي يجعل الأغذية المنتجة على المستويين الوطني والإقليمي أعلى ثمنا ويحد من قدرتها على المنافسة. وبإمكان أفضل الممارسات في مجال الخدمات اللوجستية المعززة للكفاءة أن تخفض التكاليف وتزيد إمكانية وصول المستهلكين إلى الأغذية التي يتم إنتاجها في المناطق التي لا يمكنها الوصول إلى المتاجر الكبرى. وبالتالي سيتسم تحسين الخدمات اللوجستية بأهمية خاصة في مساعدة المنتجين على نطاق صغير، ومؤسسات الأعمال الزراعية الصغيرة ومتوسطة الحجم كي تحافظ على قدرتها التنافسية خاصة، نظرا إلى أن كثيرا من المستهلكين استمتعوا براحة التسوق من مكان واحد، وخدمة التوصيل إلى المنازل والمنتجات ذات القيمة المضافة. ويمكن تحسين الخدمات اللوجستية من خلال توفير الأنواع والأحجام الملائمة من الآليات لتحقيق الأهداف المتوخاة من سلسلة الإمدادات، وتنفيذ عمليات تسليم تكون في موعدها.