وقف الهدر في المشتريات .. تريليون دولار ضائعة «2 من 2»
يوضح تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان "تقييم دولي للتطورات في المشتريات العامة .. تقرير تجميعي" سبيلا للمضي قدما. ويبين التقرير كيف يمكن الاستعاضة عن الممارسات الحالية للمشتريات التي لا يوجد بها سوى قليل من القواعد المشتركة بوجود نظام عالمي كفء يلبي احتياجات الجمهور على نحو أفضل. لكن الأمر سيتطلب تحالفا دوليا واسع النطاق يضم الحكومات ومؤسسات الأعمال الخاصة لتوظيف الإمكانات الكاملة للمشتريات العامة ووضع الاقتصاد العالمي على مسار أكثر استدامة.
ومن الحلول المطروحة يقترح البنك الدولي إنشاء شراكة عالمية للمشتريات لهذا الغرض فقط. وسيكون الهدف الرئيس لهذه الشراكة هو إنشاء شبكة عالمية لتشجيع التوظيف الاستراتيجي للمشتريات العامة كأداة غاية في الأهمية للتخطيط الاقتصادي والتنمية. وستعمل هذه الشراكة على تجميع أفضل الممارسات من مختلف أنحاء العالم لتدعيم تبادل المعارف وتحقيق التعاون وتضافر الجهود. كما ستضع مبادئ أو معايير استرشادية معترفا بها عالميا. ولدى الحكومات عديد من الأساليب لتحقيق القيمة الاجتماعية في المشتريات، ويشمل ذلك استخدام العقود لتشجيع الابتكار أو تدعيم الصناعات أو القطاعات الرئيسة في الاقتصاد الوطني. ويمكن للسياسات التي تمكن منشآت الأعمال الصغرى والصغيرة والمتوسطة من الازدهار، فضلا عن تعزيز قدرة البلد المعني على المنافسة على المدى الأطول.
ويمكن أن تكون العقود أيضا وسيلة للحكومات لتشجيع السياسات البيئية. وتركز المشتريات الخضراء على السلع والخدمات والأعمال المسؤولة والمستدامة على نحو يراعي البيئة. ويشير هذا التوصيف أيضا إلى أساليب العمل التي تقلل إلى أدنى حد من الأضرار البيئية أو التدهور البيئي، وتبني القدرة على الصمود في مواجهة آثار تغير المناخ. إضافة إلى ذلك، يجب أن تبدأ سياسات المشتريات في إيلاء الاهتمام لتخطيط العقود وإدارتها - بدلا من مجرد الدعوة إلى طرح مناقصات تنافسية أو اختيار صاحب العرض الفائز.
وعلاوة على ذلك، أظهرت جائحة كورونا كيف تفتح التكنولوجيات الجديدة سبلا مهمة لتعزيز الأمن والحصول على المعلومات ومشاركة المواطنين. ومن خلال نقل عمليات المشتريات عبر الإنترنت، تلاشت الحاجة إلى التفاعل المادي والاحتكاك الشخصي، وسيكون التعامل بالمستندات الورقية إرثا من الماضي. ومع زيادة استخدام الحكومات لأنظمة المشتريات الحكومية الإلكترونية، سيظهر مزيد من الفرص لتبادل المعلومات، وتقييم خيارات المشتريات، وإدارة التكاليف. وسيمكن هذا الحكومات من الاستجابة بشكل أسرع للأزمات.
وتعد الشراكة العالمية للمشتريات المزمع إنشاؤها مقترحا جاء في وقته. ومن الممكن أن تساعد هذه الشراكة على ضمان أن تكون السياسات الوطنية للمشتريات مستندة إلى أدلة وشواهد ومقاومة للتأثيرات والامتيازات السياسية. كما يمكنها أن تشعل شرارة الابتكار في مجالات بالغة الأهمية من خلال تشجيع التعاون وتضافر الجهود بين الحكومات ومؤسسات الأعمال الخاصة. وستساعد أيضا على تحسين ثقة الجمهور من خلال زيادة تمكين المواطنين من أسباب القوة ومشاركتهم في الشأن العام.
وفي أعقاب جائحة كورونا، ستتعرض الحكومات لضغوط لها ما يبررها لضمان أن كل دولار ينفق يحقق القيمة المرجوة بأقصى قدر ممكن. وللمواطنين الحق في المطالبة بإنفاق أموالهم بأكبر قدر ممكن من الحكمة والحيطة والحذر. وتعد المشتريات العامة الأكثر ذكاء عنصرا محوريا في تحقيق تعاف أخضر وقادر على الصمود وشامل للجميع من جائحة كورونا: على الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الإنمائية أن تفعل كل ما في وسعها لاغتنام الفرصة المتمثلة في تحقيق تريليون دولار يمكن إهدارها في المشتريات العامة.