القفز إلى السماء

ملأت محاولات الطيران الفاشلة أرفف المكتبات وأسهب المؤرخون في رصد تجارب دق الأعناق وتكسير العظام وخصصت مجلة "لايف" الشهيرة مجلدات كاملة لتاريخ الطيران تتبعت فيها محاولات القافزين من الأبراج من الذين وضعوا أرواحهم وديعة في أيدي أجنحة تحاكي أجنحة الطيور مصنوعة في المنازل.
وحينما حقق الأخوان رايت ما كان يعتقد أنه خارق للطبيعة، وكان إذ ذاك في عام 1903، ومن ذلك الحين واصل العالم ابتكاراته المذهلة وصولا لليوم الذي أعلنت فيه المملكة استضافة مؤتمر مستقبل الطيران حيث تتجه بوصلة الطيران إلى المملكة في أيار (مايو) المقبل في حدث استثنائي يشهد استقطاب قادة القطاع في العالم، ويحاور المؤثرين والفاعلين فيه عبر قمة ستأخذ الطيران إلى قمم نوعية ومؤثرة في الصناعة.
ولطالما كان الطيران نقلة نوعية غيرت مجرى حياة البشر منذ نجاح الأخوين رايت وتلا ذلك تغيرات كثيرة وهيأ الدخول في صناعات متعددة وتطورات مذهلة والنجاحات العملية والنظرية التي تحققت لهذه الوسيلة الأكثر أمانا ما زالت مستمرة وفي الرياض ستستكمل السيرة والمسيرة لاتجاهات جديدة ومثيرة لأقصى درجات الاهتمام.
يأتي اهتمام المملكة باستضافة هذا الحدث وبرعاية ملكية الإيمان العميق بقدرة القطاع على تغيير ملامح الحياة لذا حينما تطور الطيران صنع الإنسان الطائرة العسكرية وتمكن من ارتياد الفضاء وأصبح الدرون زاجل العصر وبات جناحا الطائرة دلالة على البراعة الإنسانية المدهشة وتحقق كل ذلك في مدة قصيرة ونقلات نوعية مندفعة بقوة كقوة محركاتها النفاثة.
لا يحد المؤتمر المقبل الحدود الجغرافية بل يهدف أن يوجد ترابطا عالميا بين قاراته لسهولة انتقال البشر بين أصقاعه المعمورة، وسيفكر بطريقة جديدة لمستقبل الطيران ومآلاته وابتكاراته العبقرية في قصة تعود بنا إلى الذاكرة العربية ومحاولات العربي عباس بن فرناس للطيران فها هو التاريخ يعيد نفسه مجددا في الرياض ليبتكر وينافس وينمو لينال حصته المفترضة وفرصته المنتظرة في عالم مليء بالتحديات. يأتي مؤتمر مستقبل الطيران متحديا لنفسه أولا، إذ أعلنت الجهة المنظمة وهي هيئة الطيران المدني في وقت سابق، أنها بصدد مضاعفة طاقتها إلى نحو ثلاثة أضعاف، وسيكون لدى السعودية 330 مليون مسافر بدلا من نحو 100 مليون ووجهات ومطارات وشركات طيران جديدة تؤكد المضي بعزم نحو الصدارة والقفز إلى السماء بأجنحة العلم والقوة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي