الثروة السمكية .. الاستنزاف والعقبات والحلول

تتعدد الثروة السمكية في البحر الأحمر والخليج العربي من الصيد الطبيعي بأصناف الأسماك والروبيان والأحياء البحرية الأخرى، مشكلة أحد روافد الأمن الغذائي في المملكة، ومن خلالها يمكن تأمين أنواع مختلفة من الأسماك يفضلها كثير من المستهلكين وتعد وجبات أساسية في مائدة الغذاء لديهم خاصة المدن والقرى الساحلية.
يعمل في هذا القطاع نحو 22 ألف صياد، ويقدر عدد وسائط الصيد بنحو ثمانية آلاف قارب صيد بمختلف الأحجام والأصناف عدا قوارب النزهة التي تمارس نزهة الصيد أيضا بمستويات تجارية أحيانا، ويتم توفير إنتاج سنوي حاليا يصل بين "65 و70 ألف طن".
كان الإنتاج في الثمانينيات الميلادية يتجاوز 100 ألف طن سنويا رغم أن التقنية في البحث عن الأسماك بالأجهزة الحديثة والإبحار غير متوافرة، لكن ربما كان لوفرة المخزون السمكي الدور الأساس آنذاك في ارتفاع معدل الإنتاج، ووجود شركات فاعلة في الصيد الصناعي ربما مارست عمليات صيد جائرة أدت إلى تناقص المخزون السمكي.
يتعرض المخزون السمكي في كل دول العالم للاستنزاف من جراء الصيد الجائر واستنزاف الموارد السمكية بمعدلات تفوق قدرتها على التجديد جراء الطلب المتنامي على المنتجات السمكية، يفوق مقدرة هذه المصايد على الوفاء وسد فجوة الطلب.
تشير الإحصائيات حسب "الفاو 2019" إلى أن الإنتاج العالمي للأسماك قد وصل إلى 179 مليون طن في 2018، بقيمة بيع أولية إجمالية تقدر بنحو 401 مليار دولار، منها 82 مليون طن، بقيمة 250 مليار دولار، أتت من إنتاج تربية الأحياء المائية من المجموع الكلي والباقي من المصايد الطبيعية البالغ 97 مليون طن، تم استخدام 156 مليون طن للاستهلاك البشري، أي ما يعادل الاستهلاك السنوي الفردي المقدر بـ20.5 كيلوجرام للفرد. أما الكمية المتبقية البالغة 22 مليون طن فقد كانت مخصصة للاستخدامات غير الغذائية المباشرة، وبشكل أساس لإنتاج مسحوق السمك وزيت السمك. تمثل تربية الأحياء المائية 46 في المائة من إجمالي الإنتاج وإنتاج 32 مليون طن من الطحالب والنباتات البحرية معظمها من المزارع البحرية كذلك سواء للاستهلاك الآدمي المباشر أو الصناعات الطبية والصيدلانية التجميلية.
من هنا تتبين أهمية الثروة السمكية الطبيعية التي تشكل 54 في المائة من الإمدادات السمكية. صحيح أن النمو شبه ثابت في إنتاج المصايد العالمية بينما يصل 8 في المائة سنويا من المزارع السمكية، لكن لا يجب إغفال الدور الذي لا يزال يقوم به قطاع الصيد اقتصاديا واجتماعيا كذلك، فهؤلاء "22 ألف صياد" تمثل المصايد الطبيعية دخلهم الأساس اليومي ولا يزاحمون في الحصول على وظائف في القطاع الحكومي أو الخاص، ويسهمون في توفير هذه المادة الاستهلاكية للسوق المحلية، ويلاحظ عزوف كثير منهم عن مهنة الصيد وتراكم قواربهم في مراكز حرس الحدود دون أي نشاطات في السواحل، الأمر الذي يتطلب دعمهم وإزالة العقبات أمام مزاولة نشاطهم وفق ما تتطلبه هذه المهنة من رحلات صيد قد تمتد إلى ثلاثة أو أربعة أيام يمكث خلالها الصياد في البحر، وحسب إفادة بعض الصيادين، فإن من أسباب عزوفهم عن هذه المهنة صعوبة التوافق بين متطلبات مهنتهم وشروط ومتطلبات تطبيق "زاول" الذي يخدمهم حاليا بشكل آلي، ويطبق من قبل حرس الحدود لتحقيق الإبحار والسلامة، حيث يلزمهم النظام العودة إلى الشاطئ والخروج من البحر في أوقات قد لا تتناسب معهم، كما أنه يطبق على مزارعي الأسماك رغم اختلاف نشاط الاستزراع عن نشاط الصيد الأمر الذي يتطلب إنشاء نظام للمزارع مختلف عن نظام "زاول" الحالي لتحقيق أكبر فائدة لكل من الصياد والمزارع، ولا شك أن قطاع حرس الحدود يجعل من سلامتهم أولوية في ذلك، لكن لا بد من حل مشكلة عزوف الصيادين وتراكم قواربهم وتعطيلها عن العمل ومزاولة هذه المهنة المهمة التي لم تعد تستقطب الشباب ووضع حلول عملية تراعي أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية وتزيل التعارض بين ممارسة أنشطتهم ومتطلبات التنمية والأمن والسلامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي