إخلاء طرف
واجه صديق معاناة كبيرة، قبل انتقاله من وظيفة إلى أخرى.
فقد تكبد مشقة شديدة لإنهاء إجراءات إخلاء الطرف.
ضيق رئيسه عليه الخناق خلال شهريه الأخيرين في الوظيفة.
ضاعف المهام والمسؤوليات دون مبررات عملية وجيهة.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ تغيرت لهجة المدير معه.
ارتفعت نبرة صوته في تواصله المباشر، حتى في رسائله عبر البريد الإلكتروني.
ماطله في توقيع الإخلاء لأسباب عدة.
حاول كثيرون الدخول على الخط لإنهاء الموضوع بسلام.
ولكن المسؤول كابر، وواصل عناده وتعنته.
يقرعه على أدائه على رؤوس الأشهاد.
يحاسبه على كل دقيقة يتأخر فيها.
في أيامه الأخيرة، فاض "إيميله" بالتوبيخ.
بعد صراع مرير، خرج الموظف السابق من وظيفته مضرجا بألمه وذكرياته التعيسة.
أطلق سراحه، ولكن بعد عناء ومعاناة كبيرين.
بات رئيسه السابق خصما، بعد أن كان زميلا، يكن له كل احترام وتقدير.
في رأيي، فإن الأهم من استقبال الموظف الجديد، هو توديعه عندما يغادر الوظيفة، سواء استقال الموظف من نفسه، أم لم يتم التجديد له.
في لحظات الوداع، تظهر كفاءة المدير في إدارة الموقف.
فهو أمام موظف ذهب إلى خيار آخر، أو موظف حانق نتيجة الاستغناء عنه.
وفي كلتا الحالتين الوضع ليس مثاليا.
أرى أن من واجبات المدير أن يجعل النهاية سلسة وسهلة على الطرفين.
فلا يجعل من إخلاء الطرف اجتثاثا للفرح.
فالمسؤول بوسعه أن يعمق الذكريات الجميلة في وجدان الموظف السابق، لا أن يستأصلها.
المدير الكفء هو من يحيل اللحظات الختامية إلى ذكرى جيدة.
ينهي إجراءات الموظف وفق النظام بسلاسة.
يحرص على لقائه وتوديعه بنفسه.
يسترجع على مسامعه المواقف السعيدة، والتحديات التي تجاوزاها معا.
ببساطة، أبق على حبل المودة بينك وبين من يغادرك، فلا تقطعه.
فمن الذي قال إن الوداع نهاية؟!
قد يكون تمهيدا للقاء قادم أجمل وأعمق.