أهمية التحولات الراهنة في القطاع السكني
استقبلت الرياض خلال أقل من شهر على مستوى الإسكان، دعما سخيا من ولي العهد، تمثل في توجيه الشركة الوطنية للإسكان بتدشين ضاحيتي الفرسان والخزام، اللتين تتضمنان تشييد 80 ألف وحدة سكن جديدة على مساحة إجمالية تبلغ 56 مليون متر مربع، يتوقع أن يستفيد منها نحو 400 ألف نسمة، ثم توجيها كريما منه لوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان بمنح القطاع السكني 100 مليون متر مربع من الأراضي في الرياض، والمدن الأخرى التي تشهد ارتفاعا في أسعار الأراضي والعقارات، يقدر أن توفر نحو 150 ألف وحدة سكنية جديدة، ليصل إجمالي ذلك الدعم المبارك إلى نحو 230 ألف وحدة سكنية، يتوقع أن يستفيد منها نحو 1.2 مليون نسمة "15.3 في المائة من إجمالي سكان الرياض".
يأتي هذا الدعم الكبير للقطاع السكني عموما، وللرياض خصوصا في جانب العرض، في الوقت ذاته الذي يجري العمل خلاله على ضخ مزيد من الوحدات السكنية عبر شركات التطوير العقاري العملاقة، على رأسها شركة روشن التي بدأت منذ عامين في ضخ عشرات الآلاف من الوحدات السكنية في مواقع مميزة من الرياض، وكل هذا وما سيأتي من مبادرات مرتقبة ومبشرة للقطاع السكني، تمثل إضافات مهمة جدا لتحفيز العرض داخل العاصمة الطموحة، بما يلبي الطلب الكبير والمتنامي لسكان العاصمة، يتوقع أن تنعكس إيجابيا على عديد من جوانب حياة سكانها وجودتها، ضمن مجمعات سكنية تحظى بجميع الخدمات ومتطلباتها على أرقى المعايير الدولية.
بالنظر إلى ما تقدم ذكره، وما سيسهم فيه مضافا إليه المنتجات السكنية لشركة روشن، من توفير ما بين 380 ألف وحدة سكنية إلى نحو 400 ألف وحدة سكنية خلال الأعوام القليلة المقبلة، ضمن مستويات سعرية مناسبة للقدرة الشرائية لسكان الرياض، والمتوقع استفادة ما بين 1.9 و2.0 مليون نسمة من سكان العاصمة "25.3 في المائة من سكان الرياض"، عدا أنه سيدفع بارتفاع نسبة تملك المساكن نحو المستهدفات وتجاوزها -بمشيئة الله وتوفيقه- قبل مواعيدها النهائية، فإنه سيشكل واحدا من أكبر المحفزات للنمو الاقتصادي للعاصمة وللاقتصاد الوطني، التي ستنتج عنها زيادة معدلات الإنتاج والتشغيل لأغلب نشاطات الاقتصاد والقطاع الخاص، التي ستنقل اقتصادات المدينة بصورة أسرع من مناطق سابقة كانت متشبعة بتملك الأراضي دون تطويرها، إلى مناطق تعتمد اليوم على إدخال ذلك العنصر الإنتاجي ضمن معاملات الإنتاج المحلي للمدينة، التي سينتج عنها مزيد من ممكنات النمو الاقتصادي للمدينة، وزيادة موارد الدخل لأغلب المنشآت التجارية والصناعية والخدمية فيها، وما سيدفع به كل ذلك من زيادات ملموسة على مستوى فرص الاستثمار أمام المدخرات المقيمة أو الأجنبية من جانب أول، من جانب آخر على مستوى توفير الآلاف من فرص العمل الكريمة والمجدية، التي ستشكل حافزا كبيرا لتحسين معدلات التوظيف والتوطين، وتسهم بدورها في خفض معدل البطالة، وصولا إلى رفع متوسط الدخل للأفراد والأسر، التي ستذهب آثارها الإيجابية نحو زيادة الطلب على منتجات وخدمات القطاع الخاص، وتصب مجتمعة في مصب دعم النمو الاقتصادي الكلي، والاستمرار في ترجمة مستهدفات رؤية المملكة 2030 عاما بعد عام، بفضل الله وتوفيقه.
ولن تقف النتائج الإيجابية للتحولات الهيكلية العملاقة التي تشهدها العاصمة عند حدودها فحسب! بل ستذهب بمشيئة الله تعالى، إلى أبعد من ذلك، وتنتقل إلى بقية المدن والمحافظات الأخرى من بلادنا الغالية، سواء على مستوى ضبط مستويات الأسعار وتوازنها، لتكون ضمن حدود قدرات الدخل بالنسبة إلى سكان تلك المدن والمحافظات، أو على مستوى تذليل كثير من المعوقات أمام منشآت القطاع الخاص في تلك المناطق عموما، ولشركات التطوير العقاري المحلية والأجنبية خصوصا، والدخول في منظومة متكاملة من النمو المستدام والمحفز للأطراف كافة "مستثمرين، مستهلكين".
تمثل الإعلانات المباركة الأخيرة أعلاه خلال أقل من شهر فقط، مجرد بداية لمبادرات أكبر، واستمرارا لجهود الدولة -أيدها الله- تستهدف من خلال دعم القطاع السكني، توفير الدعم والتحفيز الأوسع للاقتصاد الوطني وصولا إلى مستهدفاته النهائية حسبما حددته رؤية المملكة 2030، كما أنها تحمل في طياتها تحولا تنمويا بالغ الأهمية يحمل على عاتقه تحفيزا أكبر لجانب العرض في السوق، الذي أظهرت المؤشرات عدم مواكبته الدعم والتطورات المهمة التي تم تحقيقها على جانب الطلب طوال الأعوام القليلة الماضية، وكان من آثارها تجاوز مستويات الأسعار السوقية للأراضي والمساكن حدود القدرة الشرائية للمستهلكين، وهو ما تطرق إليه عديد من مسؤولي الإسكان في أكثر من مناسبة خلال الأشهر القليلة الماضية.
سيشكل هذا التحول التنموي المهم، واحدا من أهم المحفزات لخروج كثير من الأراضي من المخزون الكبير للتملك دون انتفاع، لتتوجه وفقا للتطورات الراهنة في سباق تنافسي إيجابي نحو مزيد من التطوير والاستخدام، والتخلي إلى حد بعيد جدا عن القاعدة العقارية التي قامت فكرتها الرئيسة طوال عقود مضت على تملك الأراضي والمتاجرة فيها، لأجل حفظ المدخرات ونمو قيمتها، ومن ثم التكيف مع القواعد الجديدة للحراك التنموي والاقتصادي العملاق، الذي يشهده الاقتصاد الوطني خلال المرحلة الراهنة، والتأكيد هنا أيضا على أن هذا التحول لا يمثل إلا جزءا من الحقيبة الأكبر للتحولات التنموية الأوسع، التي يجري العمل عليها خلال الفترة الراهنة من قبل جميع الأجهزة الحكومية بالشراكة مع القطاع الخاص، كانت قد بدأت منذ منتصف 2016 تحت مظلة المبادرات والبرامج التنفيذية لرؤية المملكة 2030، وما يتطلبه كل ذلك من توظيف كامل للموارد والإمكانات المتوافرة لدى الاقتصاد والمجتمع، وتوجيهه ضمن مسارات محددة ومتكاملة نحو تحقيق المستهدفات النهائية للرؤية الوطنية الطموحة.