أسعار النفط الروسي والعقوبات المفروضة «1من 2»

خلال 2012، استحوذت لجنة تداول السلع الآجلة على الاهتمام الدولي بسبب تحقيق أجرته في التلاعب في سعر الفائدة السائد بين البنوك في لندن LIBOR، وسعر الفائدة بين البنوك باليورو Euribor، وغير ذلك من معايير أسعار الفائدة. بحلول 2015، كانت لجنة تداول السلع الآجلة قد غـرمـت ستا من شركات الوساطة المالية، ما بلغ في مجموعه 2.7 مليار دولار بسبب "سوء سلوك مماثل يرتبط بمعايير صرف النقد الأجنبي"، وكوفئ المبلغون عن المخالفات بنحو 200 مليون دولار نظير المساعدة التي قدموها على فتح هذه القضايا. الآن، ينبغي للجنة تداول السلع الآجلة أن تحول جهود الإنفاذ إلى التلاعب المحتمل بأسعار النفط العالمية.
تتعلق قضية محددة تجذب الانتباه في هذا الصدد بالسعر المدفوع مقابل النفط الخام الروسي والمنتجات المكررة الروسية. فرضت مجموعة السبع، والاتحاد الأوروبي، وحلفاؤهما سقفا للأسعار قدره 60 دولارا لبرميل النفط الخام المنقول بوساطة ناقلات النفط، إلى جانب أسقف مكافئة تقريبا للديزل، وزيت الوقود، وغير ذلك من مشتقات النفط. وتشير تقارير أولية إلى تداول النفط الروسي عند تلك المستويات أو أقل منها.
لكن الآن، يزعم بعض المراقبين -بمن فيهم خبراء تحليل من "جولدمان ساكس"- أن الأسعار المعلنة ليست دقيقة. الواقع أن بعض المشاركين في تداول النفط الروسي ربما يعطون بيانات صحيحة إلى مزودي البيانات، والمسؤولين، والسوق في عموم الأمر، بشأن أسعار المعاملات.
تتمتع لجنة تداول السلع الآجلة بتفويض واسع لضمان عمل أسواق المشتقات في الولايات المتحدة "بنزاهة، ومرونة، وحيوية"، وبتركيزها على ذلك الهدف، تكرس اللجنة عادة القسم الأعظم من اهتمامها لتوفير "التنظيم السليم" لهذه الأسواق. لكن لجنة تداول السلع الآجلة مسؤولة أيضا عن منع التلاعب في الأسواق الفورية التي قد تخلف تأثيرا ماديا في السلع الآجلة وغير ذلك من المشتقات.
كانت بعض ردود الفعل الأولية لتحرك لجنة تداول السلع الآجلة بشأن سعر الفائدة السائد بين البنوك في لندن توحي بالحيرة إزاء السبب الذي دفع هذه الهيئة التنظيمية إلى التدخل. لكن بمرور الوقت، بات من الواضح أن موظفي البنوك الكبرى كذبوا على بعضهم بعضا، وعلى المسؤولين، وعلى مقدمي البيانات، حول تكلفة الاقتراض بين البنوك. كان أغلب هذا الاقتراض يحدث خارج الولايات المتحدة، فيما يسمى أسواق اليورو-الدولار "وغير ذلك من العملات". لكن لأن سعر الفائدة السائد بين البنوك في لندن كان معيارا رئيسا لما يقدر بنحو 300 تريليون دولار من العقود المالية المقومة بالدولار، فإن الإجراء الذي اتخذته لجنة تداول السلع الآجلة كان مبررا ـ وقد تلقت اللجنة قدرا عظيما من الثناء المستحق عن جدارة.
تعد أسعار النفط شديدة الأهمية لكل الاقتصادات. هناك سوق فورية للنفط، حيث يمكنك شراء شحنة موجودة بالفعل على متن سفينة. وتـدار أغلب عمليات تداول النفط بموجب عقود محددة المدة، بما في ذلك للتسليم مسبقا قبل شهر أو عدة أشهر، لكن السعر في السوق الفورية "الشحنات التي يمكن تسليمها في الأمد القريب" -كما يعلن لوكالات تقييم الأسعار- هو المعيار الرئيس. يجري بعض تداول النفط في الولايات المتحدة، بينما يجري قسم كبير منه في لندن ـ تماما مثل سعر الفائدة السائد بين البنوك في لندن. على سبيل التوضيح، تدور المخاوف الحالية حول تداول النفط روسي المنشأ... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي