أسعار النفط الروسي والعقوبات المفروضة «2 من 2»
تمثل روسيا نحو 10 في المائة من إنتاج النفط العالمي اليومي، وهي تصدر نحو ثمانية ملايين برميل يوميا "من النفط الخام زائد المكرر". وإذا كان هناك تلاعب بالأسعار أو المعلومات حول أسعار النفط الروسي "المعروف باسم الأورال، للشحنات من بحر البلطيق أو البحر الأسود"، فقد يؤثر هذا بسهولة في سعر خام برنت "معيار أساس في أوروبا" أو حتى خام غرب تكساس الوسيط "المعيار في الولايات المتحدة".
لكن كيف من الممكن أن تحصل لجنة تداول السلع الآجلة على المعلومات حول سوق مبهمة مثل سوق تداول النفط العالمي؟ من يشتري ماذا، مِن مَن، وبأي سعر؟ كل هذا يتسم بعدم الشفافية بكل تأكيد. كانت وصمة تداول النفط الروسي سببا في دفع عدد كبير من الشركات طيبة السمعة إلى الخروج من السوق، وقد يكون بعض المشاركين مجرد شركات وهمية تغطي على جهات أخرى ربما تعمل حتى لمصلحة الكرملين.
هنا يأتي دور الحوافز التي تحرك المبلغين عن المخالفات. وفقا لتقارير صحافية، كانت الطريقة الوحيدة التي تمكنت بها لجنة تداول السلع الآجلة من اختراق سوق سعر الفائدة السائد بين البنوك في لندن، هي عبر التوصل إلى معلومات ووثائق حصلت عليها من أحد المخبرين في دويتشه بنك. ومن الواضح أن هذا الشخص، الذي تظل هويته محمية، كوفئ بسخاء.
هذا ما يجب أن يكون. فكل من يفضح التلاعب في السوق على هذا النطاق الواسع يستحق المكافأة. وجمعت لجنة تداول السلع الآجلة غرامات من فضيحة سوق سعر الفائدة السائد بين البنوك في لندن أكبر كثيرا من المبلغ الذي دفعته لتعويض المبلغين عن المخالفات.
ينبغي لكل من يتداول النفط الروسي أن يضع هذا في الحسبان، ربما تحقق لجنة تداول السلع الآجلة بالفعل في أمره. وربما توصلت بالفعل إلى مبلغ، أو أكثر، عن مخالفاتك.
إذا كان تداول النفط الروسي يتم عند مستوى 60 دولارا للبرميل أو أقل، بما يتفق مع سقف السعر، فلن يكون هناك أي داع للخداع. وإذا أجريت أي صفقات بسعر أعلى من 60 دولارا للبرميل، فمن المحتمل أن تترتب على ذلك عقوبات وغير ذلك من الجزاءات ـ ما يصنع الحافز للكذب بشأن الأسعار. لكن الخداع بشأن الأسعار شكل من أشكال التلاعب بالسوق.
في عموم الأمر، حان الوقت لكي تأخذ لجنة تداول السلع الآجلة وغيرها من الهيئات التنظيمية العالمية زمام سوق النفط في يدها. لقد ألغي نظام سعر الفائدة السائد بين البنوك في لندن ليحل محله الآن ترتيب آخر "سعر التمويل المضمون لليلة واحدة"، الذي نأمل أن يكون أقل عـرضة للتلاعب وسوء الاستخدام. نحن في احتياج إلى تقييم منهجي ونزيه للطريقة التي تتدفق بها أسعار النفط العالمية نزولا إلى مستويات الجملة والتجزئة.
بقدر ما يحدث هذا في الأسواق الحرة النزيهة، فمن خلال الاستعانة بالقدر اللائق من الشفافية، لن يكون لدى المشاركين التجاريين ما يخشونه. لكن إذا جرى التلاعب بأي جزء كبير من سوق النفط العالمية -بما في ذلك من خلال خداع مزودي البيانات- فإن هذا يشكل مصدر قلق حقيقيا يجب أن تعالجه لجنة تداول السلع الآجلة وغيرها من السلطات المختصة.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.