تجربة الخطأ
أخطأ أديسون 100 مرة قبل أن يضيء لنا العالم باختراعه العظيم، وكذلك فعل كولومبس حينما اكتشف أمريكا وكان يبحث عن طريق بديل للتجارة مع آسيا، وكذا فعل مئات المخترعين في العالم وملايين البشر الذين تعلموا وما زالوا يتعلمون من أخطائهم، إذ لا يمكن المضي قدما في أي أمر ما لم يخضع لعامل الخطأ والصواب ذلك قانون الحياة، وقد ملأ علماء الإدارة الكتب بعبارات النجاح التي تسبقها مئات التجارب والمحاولات الفاشلة.
لا مشكلة من الخطأ في حد ذاته بل من المشاعر الناشئة عنه التي تولد الخوف وتثير التردد وتقيد المرء عن الإقدام وتحصره في إطار محدود، بل تجعله يتأخر ويفوت عديدا من الفرص التي كان بالإمكان استثمارها، ويسمي علماء النفس هذا السلوك فقدان عقلية النمو، وعقلية النمو تعتقد أن الأخطاء سبيل التعلم والتطوير وهذه العقلية فطرية لدى الأطفال في بداية حياتهم، إذ يتلقون التعليم من الأخطاء التي يرتكبونها، ولو علم المخطئ عظيم الاستفادة مما قام به لخاض غمارها مرارا وتكرارا، علاوة على ذلك فإن بعض الأخطاء عظيمة الأثر كثيرة المنفعة ولها عواقب إيجابية غير متوقعة، وليس كل الأخطاء بالطبع.
في داخل كل خطأ فرصة للتعلم ويمكن لبعض الأخطاء أن تقدم لنا أهدافا ورؤى جديدة لم تكن موجودة من قبل، وقد يكون الخطأ سببا في الإلهام لأنه يكشف عن حقيقة النفس وتمكن المرء من الوقوف أمام التحديات والعقبات حينما يكون صادقا مع نفسه، ويعترف بالخطأ وتجنب المثالية الزائفة التي تحجب رؤية الحقيقة، وهذا أول سلم من سلالم الاستفادة من الأخطاء في هذه الحياة.
لا محيص من الخطأ، وهو ليس من العيب في شيء والكمال لله وحده، إنما العيب الاستمرار في فعل الأخطاء دون الاستفادة منها أو النكوص عن خوض تجارب أخرى بسبب الخوف من الظهور كفاشل أو تجنب ظنون الأقران، واتهام المحبطين، ونظرات النقص، والتفاهة.
إن الشعور بالنجاح يمر عبر تذوق الفشل وقيل، "لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا" والتجلد على اقتحام المخاوف من شيم الناجحين حتى نشعر حقا بلذة الحياة، وحينما نؤمن حقا بأن الخطأ عبارة عن تجربة، فإن ذلك سيدفعنا إلى ارتكاب مزيد من التجارب، وإن شئت قلت الأخطاء التي تصنع الأمجاد والفرص.