رائد في عالم الصيرفة المركزية «4 من 4»
قبل بداية الأزمة المالية، تمكن البنك المركزي السويدي من اجتذاب سفينسون من جامعة برنستون في 2007 ليتولى منصب نائب المحافظ. في ذلك الوقت، كان البنك يعمل بنصيحة سفينسون بالفعل، فينشر مسار أسعار فائدته ويبرر سبب اختياره. وبحلول تموز (يوليو) 2009، كان البنك المركزي السويدي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة إلى 0.25 في المائة.
غير أن سفينسون لم يتمكن من إقناع زملائه بخفض سعر الفائدة إلى الصفر، ثم التفكير في أسعار فائدة سالبة عند الحاجة. ففي الواقع، بدأ البنك المركزي السويدي يرفع أسعار الفائدة في 2010. وأبدى سفينسون معارضته لتلك الخطوة، مشيرا إلى أن التنبؤات الخاصة بالتضخم لا تزال أقل بكثير من المستهدف، وأن معدل البطالة لا يزال مرتفعا. واعترض أيضا على "الإبحار عكس اتجاه الريح"، وهي الفكرة القائلة بضرورة رفع أسعار الفائدة لمواجهة المخاطر على الاستقرار المالي التي فرضها ارتفاع أسعار المساكن ومستويات الدين العقاري، على سبيل المثال، حتى إن كانت اعتبارات الاقتصاد الكلي، مثل معدل التضخم وحجم الناتج، تتطلب غير ذلك.
وبعد عامين من الانشقاق المهذب عن الصف، ترك سفينسون العمل في البنك المركزي السويدي بصورة نهائية في آخر فترة ولايته في منتصف 2013. وأعلن صراحة أنه "لم يتمكن من الحصول على التأييد اللازم للسياسة النقدية" التي كان يفضلها. وانبرى زملاؤه القدامى في جامعة برنستون للدفاع عنه. فوصف كروجمان ارتفاعات أسعار الفائدة في الفترة 2011 - 2012، بأنها "قد تكون أكبر الأخطاء المرتكبة بلا داع على صعيد السياسة النقدية" وقت الأزمة المالية العالمية، موضحا أنها "لم تستند إلى أي مبرر واضح من حيث المؤشرات الاقتصادية الكلية".
وثبتت لاحقا صحة تقدير سفينسون. ففي 2014، بات واضحا أن ارتفاعات أسعار الفائدة لم تكن تعمل على كبح تضخم أسعار المساكن، وكانت تقود إلى الانكماش والضعف الاقتصادي. ووجد البنك المركزي السويدي نفسه مضطرا إلى خفضها إلى الصفر. ثم غامر في 2015 بخوض تجربة أسعار الفائدة السالبة، وهي تجربة عدت ناجحة في ورقة عمل لاحقة أعدتها ريما ترك من صندوق النقد الدولي.
وعقب تركه منصبه في البنك المركزي السويدي، كرس سفينسون جهوده لتقديم الحجج على ضرورة أن ينصب تركيز السياسة النقدية على هدفي التضخم والناتج، مع ترك اعتبارات الاستقرار المالي للسياسة الاحترازية الكلية. وقال إن هاتين السياستين "مختلفتان، والأفضل إدارة كل منهما على حدة". ولإثبات رؤيته، قدم عددا من العروض التقديمية في صندوق النقد الدولي وفي جهات أخرى، سعى فيها إلى تقديم البراهين على أن منافع رفع أسعار الفائدة لتعزيز الاستقرار المالي عن طريق خفض احتمالات حدوث أزمة مالية هي منافع ضئيلة وغير مؤكدة. وفي المقابل، كانت التكاليف المتمثلة في ارتفاع معدل البطالة والضغوط الانكماشية مرتفعة ومؤكدة بدرجة أكبر بكثير.
وعرضت حسابات التكلفة والعائد التي أجراها سفينسون في دراسة أعدها خبراء صندوق النقد الدولي في 2015 عن السياسة النقدية والاستقرار المالي Monetary Policy and Financial Stability، خلصت إلى أن التكلفة تكون أعلى من العائد في معظم الحالات. وصرح تيرنر، المسؤول السابق في بنك التسويات الدولية، لمجلة "التمويل والتنمية"، بأنه "بإعمال المنطق الدقيق، وباستخدام الأحجام التجريبية الأكثر توافقا مع الحجة التي عارضها، يتضح أن سفينسون حقق انتصارا حاسما في هذا السجال".
في الـ75، لا يزال سفينسون نشطا في العمل البحثي، وخصص أحدث أعماله لتوضيح أن المؤشرات شائعة الاستخدام التي تقيس المبالغة في تقييم أسعار المساكن -مثل نسبة سعر المسكن إلى الدخل- هي مؤشرات مضللة، ويمكن أن تؤدي إلى اتخاذ الوكالات المالية إجراءات رديئة على مستوى السياسات. واعترض أيضا على وجهة النظر السائدة بأن الأسر تزيد من تخفيض إنفاقها وقت الأزمات كلما ارتفعت مستويات ديونها العقارية غير المسددة. ويشعر تيرنر بالسعادة لرؤية سفينسون يواصل تحدي الأفكار المسلم بها، ويقول، "أينما ذهب هذا الرجل، يجد الاقتصاديون أن عليهم الارتقاء إلى مستوى أفضل".