تغريدة الموت
جريمة بشعة هزت الرأي العالمي راحت ضحيتها فتاة صغيرة منحت ثقتها لمجرم قاتل تعرفت عليه عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. تبدأ تفاصيل الحكاية بتلك الفتاة الكولومبية التي تدعي فالنتينا التي لم تتجاوز 21 عاما حين تعرفت عن طريق الإنترنت بالأمريكي جون بولوس الذي يبلغ 35 عاما، أوهمها بأنها تلك المرأة التي كان يبحث عنها طوال حياته، ثم بدأ يعبث بعقلها ويغدق عليها من عبارات العشق والحنين والشوق ما جعلها تتعلق به، وغمرها بعواطفه الجياشة وأحاسيسه المتدفقة فكانت مثل الفراشة التي تتجه إلى الضوء بلا تفكير. وجه دعوة إليها لزيارته وقضاء الوقت معه ليتعرفا على بعضهما من كثب، ولأن المرأة تفكر في الأغلب بعواطفها فقد انجرفت دون تفكير ووافقت على دعوته. عاشت معه ليالي رومانسية وأياما حالمة، ثم ذات يوم قرر جون أن يخبر العالم بقراره التاريخي بالزواج من فالنتينا فنشر تغريدة في تويتر وأرفقها بصورته معها، وكتب تحتها "قمت بدعوة هذه المرأة الكولومبية لقضاء إجازة معي حتى قبل أن أراها والآن نحن على وشك الزواج".
لم تلفت التغريدة انتباه المتابعين خصوصا أن جون بولوس ليس مشهورا ولا أحد تعنيه تفاصيل الحكاية. بعد فترة قصيرة تحول هذا الرجل العاشق إلى مجرم نزعت من قلبه الرحمة فقام بقتلها بوحشية وقطع أوصالها ثم حشرها في حقيبة ورمى بها في حاوية قمامة كبيرة، ولكنه لم يكن يعلم أن الكاميرات كانت ترصد نهاية قصة الحب المزيفة، ثم قرر الهروب إلى تركيا لينجو بفعلته، ولكن يد العدالة كانت أسرع في الوصول إليه قبل ركوبه الطائرة. تدفق الناس بالشموع والورود بعد انتشار الخبر نحو حاوية القمامة الكبيرة التي تم رمي الجثة فيها تعبيرا عن حزنهم على فالنتينا. وقبل هذه القصة سمعنا الأسبوع الماضي عن قصة الفتاة حنان التي كانت تبحث عن وظيفة، فتواصلت معها إحدى الشركات عن طريق الإنترنت وأغرتها براتب شهري والعمل عن بعد، وطلبت منها فتح حساب بنكي باسمها، واستغلت عدم معرفتها بالأنظمة لتستخدم حسابها البنكي في غسل الأموال.
مثل هذه القصص المفجعة ستتكرر دوما ما دام أن البعض يمنح ثقته شخصا يعيش في الواقع الافتراضي ويزيف حقيقته البشعة للآخرين من أجل الوصول إلى أهدافه الشيطانية وخططه الإجرامية، وكما ندرك أن القانون لا يحمي المغفلين، علينا أن ندرك أن الواقع الافتراضي يعج بكثير من معدومي الضمير والسيئين الذين يختبئون خلف قناع الطيبة والبراءة.
وخزة
وسائل التواصل ستظل مرتعا خصبا لأولئك الذين يبحثون بخبث عن ضحية ساذجة تؤمن أن جميع الأشخاص في العالم الافتراضي حقيقيون!