«شوية سكر»
يميل كثير من الأشخاص إلى تناول السكر بشكل مفرط في طعامهم، ويجدون لذة كبيرة في الاستمتاع بمذاقه الحلو دون النظر إلى أخطاره الصحية، التي حتما ستصيبهم بأمراض مزمنة سيقضون بقية حياتهم في تناول الدواء للحد منها. "شوية سكر" هذه العبارة التي يقولها الشخص حين يرغب في إضافة السكر إلى الشاي أو الحلويات أو أي نوع من الأكل، ليجعل منه طبقا لذيذا يغريه بالاستمتاع بكل قضمة منه. على المدى البعيد من الأعوام ستتراكم تلك السموم في جسده وشرايينه وتقتات من صحته، وشيئا فشيئا ستذوي قوته ويشيخ جلده وتتجاذبه الأمراض، ومنها بلا أدنى شك مرض السكري الذي سيلازمه بقية حياته، إما بأدوية وإما إبر إنسولين، وكل ذلك بسبب لحظات عابرة تمنحه لذة الشعور بحلاوة السكر.
"شوية سكر" من أسوأ قوانين الحياة التي يطبقها البعض في تعاملاته مع الآخرين إما ليكتسب محبتهم، وإما ليضفي على شخصياتهم صفة غير موجودة فيهم، لكنهم يرغبون في تعزيزها من قبل الآخرين، أو لأنه يعتقد أن حلاوة كلماته ستكفيه عناء الدخول معهم في جدالات عقيمة، أو لأنه يظن أن "شوية سكر" في تعاملاته اليومية الروتينية ستصنع منهم أشخاصا يرغبون في وجوده معهم دوما. نتفق جميعا أن الكلمة الحلوة باستثناء أنها صدقة، فإنها كذلك تنعش الأجواء وتضفي روحا جميلة على العلاقات الإنسانية، لكن حين تضغط على نفسك لتقولها لمن لا يستحقها وأنت تدرك ذلك في قرارة نفسك، فإنك ستسهم في إيجاد أشخاص مرضى يظنون أن ما يقومون به هو الصواب، في حين أنهم هم السبب في شقاء وتعاسة من حولهم، وفي المقابل حلاوة الكلمات التي منحتها لهم تحت ضغط نفسي وصراع داخلي لعدم اقتناعك بأنهم يستحقونها، ستجلب لك مزيدا من الإنهاك والتعب، ولن تصمد طويلا قبل أن تنهار لتدرك أن "شوية سكر" التي كنت تضعها في فنجانك وأصابتك بكثير من الأمراض المستعصية، هي الكلمات الحلوة نفسها التي تسكبها في آذان أشخاص أنانيين سليطي اللسان يعشقون القيل والقال... ويعتقدون أنك وغيرك ما خلقتم إلا لإرضائهم، لا شيء يبرر ترديدك كلمات حلوة كالسكر لأشخاص يتلذذون بمرارة الحروف وسياط الكلمات وقسوة العبارات يجلدون بها قلوب الآخرين.
وخزة:
كما أن كل ذرة سكر تسكبها في فنجانك ستقربك خطوة نحو المرض، فإن كل كلمة حلوة تسكبها في أرواح من لا يستحقونها ستقربك خطوات نحو صنع أشخاص أنانيين نرجسيين سليطي لسان، يعتقدون أن الأرض بأكملها تدور في فلك خاص بهم.