قمة أمريكية ـ صينية بثوب جديد في سان فرانسيسكو «2 من 2»

كان الخطر الذي فرضه انهيار الاتصالات العسكرية على هذا النحو واضحا بشكل صارخ أثناء الفشل الذريع في إدارة أزمة المنطاد في أوائل فبراير، وكذا الحوادث الوشيكة الوقوع أخيرا بين سفن حربية تابعة للقوتين العظميين في مضيق تايوان وحادثة الطائرة فوق بحر الصين الجنوبي. مع تصاعد التوترات بين مؤسستين عسكريتين لا تتواصلان، تصبح مخاطر اندلاع صراع عرضي مرتفعة ومتصاعدة.
ثانيا، من الأهمية بمكان أيضا توضيح أهداف طموحة. ويجب أن يؤكد بيان مشترك من بايدن وشي على اعترافهما المشترك بخطرين وجوديين يهددان البلدين: تغير المناخ والصحة العالمية. على الرغم من اللقاء الذي جمع بين المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشؤون المناخ جون كيري ومسؤولين صينيين كـبار عدة مرات هذا العام، فقد توقف التعاون في مجال الطاقة النظيفة، بسبب مخاوف مزعومة تتعلق بالأمن الوطني على الجانبين. علاوة على ذلك، لا يزال التقدم على مسار الصحة العالمية يواجه عقبات بسبب المسرح السياسي الذي تدور عليه مجادلة محتدمة حول منشأ مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد - 19).
بطبيعة الحال، من الصعب أن نتوقع من قمة بايدن وشي أن تحل هذه المشكلات الوجودية. لكن ذكر هذه المشكلات بالاسم وتحديدها بادرة رمزية مهمة، ودليل على الالتزام المشترك بالإدارة الجماعية لعالم محفوف بالمخاطر على نحو متزايد. هذه هي الحال بشكل خاص مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، التي تهدد بالامتداد لتتحول إلى صراع إقليمي كبير في الوقت ذاته حيث تمر حرب أوكرانيا بلحظة محورية. بوسع الولايات المتحدة والصين إحداث فارق حقيقي من خلال التوسط في اتفاقيات سلام تنهي الحربين.
ثالثا، تحتاج العلاقات الصينية- الأمريكية إلى بنية جديدة للتبادل والمشاركة. من المؤكد أن اجتماع بايدن وشي في سان فرانسيسكو الشهر المقبل يعـد تطورا إيجابيا. لكن مؤتمرات القمة السنوية ليست كافية لحل صراعات عميقة الجذور بين قوتين عظميين.
كنت لفترة طويلة أفضل التحول من الدبلوماسية الشخصية التي تحدث خلال اجتماعات نادرة بين قائدين إلى نموذج مشاركة مؤسسي يوفر إطارا دائما قويا لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها على نحو مستمر.
يحقق اقتراحي بإنشاء أمانة عامة مشتركة بين الولايات المتحدة والصين مثل هذا الاحتمال. ولكن على الرغم من استقبال هذه الفكرة بشكل إيجابي في الصين، فلم يـظـهـر صناع السياسات في أمريكا أي اهتمام بها. الواقع أن النائب الأمريكي مايك جالاجر، الذي يتولى منصب رئيس اللجنة المعينة الجديدة بشأن الصين، يقرع طبول "خـطبة الميت الحي"، محذرا من أن جهود إعادة التواصل مع الصينيين قد تؤدي إلى زوال أمريكا.
من ناحية أخرى، أشعر بالتفاؤل بعد إنشاء أربع مجموعات عمل أمريكية صينية جديدة ــ نتيجة للجهود الدبلوماسية التي شهدها هذا الصيف. لكن هذا ليس كافيا بأي حال من الأحوال، خاصة عندما نقارنه بمجموعات العمل الـ16 العاملة التي أنشئت تحت مظلة اللجنة المشتركة المعنية بالتجارة والتبادل، التي حلتها إدارة ترمب في 2017.
غالبا ما تعـد مؤتمرات القمة بين القادة الوطنيين مجرد أحداث إعلامية. من المؤسف أن هذه كانت الحال العام الماضي في بالي. ولا تملك الولايات المتحدة ولا الصين ــ فضلا عن بقية العالَم ــ ترف التوصل إلى نتيجة تافهة مماثلة هذا العام في سان فرانسيسكو. لقد أصبحت نافذة الفرصة المتاحة للعمل الجماعي ضيقة على نحو متزايد. ولا يجوز لنا أبدا إهدار أي فرصة للتوصل إلى اتفاق بين بايدن وشي جين بينج على أهداف واقعية قابلة للتحقق، والتأكيد على أهداف طموحة، وإرساء الأساس لبنية جديدة للمشاركة.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي