هل نتفاهم مع جيلنا الجديد؟
هل نكره التقنية؟ في الوضع الطبيعي سيكون الجواب لا، - لكن في النفس شيء من حتى ـ فثمة في الأعماق البعيدة صوت يقول نعم حتى لو لم نصرح علانية. هب أن تغريدة أغضبت أو تعليقا استفز، ألا ترفع حاجبيك مستغربا ومستنكرا من أولئك المتسمرين أمام شاشات الهاتف كخشب مسندة، ألا يزعجك صراخ لاعبي الببجي؟ أو تحزن لأنك تتواصل أكثر مع أسرتك عبر "قروب العائلة"، ربما تتضايق لأن محتوى تافها أشغلك عن دفء حديث الوالدين.
تملأ أسماعنا محاضرات التربويين عن مغبة ترك الأطفال في لجج الألعاب وضرورة وضع نظام تحكم الوالدين في الأجهزة، نخنق أوقاتهم، نغضب حينما نصل إلى الوضع العادل في الاتصال بالإنترنت لأننا ابتلعنا كل ما تسمح به البيانات، نقف يوميا أمام التقنية كأننا في ساحة حرب لا نرى فيها العدو لكنه يتخطفنا بأسهمه فجأة.
حسنا، لم هذا الخوف المستمر؟ وهو موقف لن يزيد التقنية إلا متانة لاختراق كل ما نعتقد يوما أنه لا يخترق.
إن مصدر الخوف من أثر التقنية ناشئ من الجهل بها في الأساس أو قلة الاكتراث بمآلاتها أو عن ثقة مفرطة. إن وصمة الجهل عيب عند البعض فالإنكار مخرج سهل.
اتهام التقنية بأنها سبب لانطوائية الأطفال هروب من مواجهة حقيقة التقصير في التربية التقنية وضعف التثقيف بالمتغيرات والتطورات الجديدة بكلمة أخرى وسيلة لتغطية ما يكشف عنوة بسبب التعرض للواقع.
ليست كل دراسة يعتد بها خصوصا حينما يستخدم العلم لأغراض تجارية، لكني سأصدق دراسات من عدة دول وجهات وتوجهات مختلفة تتفق في نتيجة واحدة مفادها، أن التقنية مفيدة وأيضا مهمة للأطفال من بينها مراجعة استمرت عشرة أعوام ونشرت في مجلة European Psychologist عام 2022، وأفادت بأن ألعاب الفيديو لا تحمل تأثيرا سلبيا في عقول الأطفال والمراهقين بل تطور من مهارتهم، وفي العام نفسه نشر معهد أكسفورد للإنترنت دراسة شملت 39 ألف شخص من لاعبي ألعاب الفيديو، وكشفت أن الوقت الذي يقضونه في اللعب "يكاد يكون لا تأثير له" في صحتهم ورفاهيتهم، أيضا دراسة جديدة نشرت نتائجها مجلة "جاما" واكتشف باحثون من جامعة فيرمونت الأمريكية فائدة كبيرة للعب الفيديو، ولن أسرد بقية الدراسات التي تؤكد سلامة ثوب التقنية من دم العجز عن محاولة تفهم الجيل الجديد ومتطلباته.