الحدائق البحرية السرية
هناك تحت سطح الماء في المياه الضحلة المجاورة لليابسة في جميع البحار حول العالم تقريبا، توجد حدائق سرية لا يعرف عنها إلا القليل من البشر. تنمو بها الأعشاب البحرية مغطية مساحة كبيرة تقدر بـ600 ألف كيلومتر مربع من المحيط الضحل. تعرف بالنجيل البحري أو مرج الأعشاب البحرية، ورغم رقة عودها مقارنة بالنباتات على اليابسة إلا أنها تلعبا دورا مهما في الحفاظ علـى سلامة محيطاتنا، حيث تمتلك القدرة على تغيير الظروف المحيطة بها بما يتناسب مع احتياجاتها الخاصة، فجذورها القوية وأوراقها الطويلة تعمل علـى تهدئة المياه، وتقليل مستويات العناصر الغذائية لمنع ازدياد نمو الطحالب الضارة، وإزالة الرواسب الطافية في المياه لتوفير مياه نقية تسمح بوصول أشعة الشمس إلى الأعشاب البحرية، ما يؤدي إلى توفير بيئة ملائمة لنمو الأعشاب البحرية، وتوفير مأوى لجميع أنواع الأحياء البحرية التي يتغذى عليها البشر مثل سمك القد وسمك موسى وأنواع أخرى من الكائنات البحرية المهددة بالانقراض مثل فرس البحر والسلاحف وأبقار البحر. تحتفظ الأعشاب البحرية بالتربة تحت الماء "الرواسب" في حالة متماسكة، ما يساعد على حماية السواحل من آثار العواصف والأمواج العاتية!
تستهلك الأعشاب البحرية ثاني أكسيد الكربون المذاب في مياه البحر، مثل النباتات الأخرى التي تستهلكه من الهواء، وتستخدمه في بناء أنسجتها أو تخزينه في الرواسب، وتشير التقديرات إلى أن مروج الأعشاب البحرية يمكن أن تدفن الكربون في الرواسب تحت الماء أسرع 40 مرة مما تدفنه الغابات الاستوائية في التربة.
تساعد أعشاب البحر على حماية السواحل من العواصف وموجات المد والجزر العاتية، وذلك لأن أوراقها تمتص الطاقة الناتجة من الأمواج التي تضرب الساحل، وتعمل جذورها كمرساة في الرمال تحت سطح الماء، كما تمتص الأعشاب البحرية المواد المغذية والبكتيريا، ما يساعد للحفاظ على نظافة مياه البحر، وبفضل خدمات النظام البيئي هذه تعد الأعشاب البحرية واحدة من أهم النظم البيئية البحرية لرفاهية الإنسان!
على الرغم من أهمية مروج الأعشاب البحرية، إلا أننا نخسرها بمعدل نحو 7 في المائة سنويا حول العالم، أي ما يعادل مساحة تساوي ملعبي كرة قدم كل ساعة، بسبب القوارب والصيد الجائر وغيرها!
من المؤسف أن الأعشاب البحرية لا تحظى بالاهتمام الذي تستحقه لأن معظم الأشخاص لا يدركون وجودها، فنحن بحاجة إلى زيادة الوعي بأهمية هذا الموئل الجميل والقيم، وإشراك مزيد من الأشخاص في مراقبة الأعشاب البحرية وحمايتها قبل فوات الأوان.