5 جوانب مهمة تفوق فيها بنك إنجلترا على نظرائه

  البنك المركزي البريطاني له أخطاؤه، لكنه تفوق على نظرائه في النزاهة والتواضع والسعي للتعلم من الأخطاء، بينما لم تتردد حكومة ريشي سوناك في أن تنسب لنفسها الفضل في عودة التضخم في المملكة المتحدة إلى معدل 2 %، بعد 3 سنوات من ارتفاعه عن هذا المستهدف، اتضح التحفظ الملحوظ عند بنك إنجلترا، رغم تراجع ضغوط ارتفاع الأسعار في البلاد حاليا عن مثيلتها في فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة. جزء من هذا التحفظ يبين قلقا من احتمال عودة معدل التضخم إلى الارتفاع بنهاية العام الجاري.
لكن الأمر ينطوي على جانب من ثقافة بنك إنجلترا أيضا، إذ عادة ما يكون متواضعا في إعلان إنجازاته، وإن كانت هذه الإنجازات على رأس مهام البنك المركزي، ويقوم عدد من البنوك المركزية الأخرى بتكرار الإنجازات نفسها. هل يبدو ذلك غريبا؟ المفترض لا. وفيما يلي خمسة أوجه لتفوق أداء البنك البريطاني على كثير من نظرائه في السنوات الماضية.

تعامل موفق مع الأوضاع

أولا: كان البنك أول من أدرك الخطأ في وصف ارتفاع التضخم في عامي 2021 و2022 بأنه مؤقت، وسارع إلى إعلان تقييم لما أدى إلى الخطأ في التوصيف.
ثانيا: تعامل البنك بشكل مناسب مع مخاطر الاضطراب المالي البالغة إبان فترة تولي ليز ترس رئاسة الوزراء، وحد من الخطر الأخلاقي في الوقت نفسه. بالطبع لن أنسى عندما أصر محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي على موقفه في يوم الثلاثاء الشهير أمام صناديق التحوط التي رفضت بعناد تسوية مراكزها المثقلة بديون كبيرة بالخسارة، مذكرا إياها بأن أموال الدعم الاستثنائي من البنك ستتوقف يوم الجمعة، وهذا ما حدث، وتراجعت الصناديق عن موقفها.
ثالثا: بدلا من الإشارة إلى دقة زائفة، كما فعل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أكثر من مرة عبر مخططه النقطي، يلتزم بنك إنجلترا الوضوح تجاه الضبابية غير المعتادة التي يواجهها صناع السياسة النقدية في الفترة الحالية. كما أن رسالة البنك حظيت بمزيد من الدعم عبر نشر نتائج تصويت لجنة السياسة النقدية، أعلى جهة لتحديد هذه السياسة، وقد شملت تلك النتائج أكثر من مرة انقسام الأصوات والأعضاء المؤيدين والمعارضين لقرار الأغلبية.

التعلم من الأخطاء


رابعا: لم يتردد البنك في إجراء مراجعة مستقلة لنماذج توقعاته ونهجها، رغم أن أخطاءه في التوقع لم تكن أسوأ من مثيلتها في البنوك المركزية الكبرى الأخرى. ونشرت نتائج هذه المراجعة ونوقشت خلال مؤتمر صحفي.
خامسا وأخيرا: بنك إنجلترا هو البنك المركزي الوحيد في العالم المتقدم الذي يستعين بتعيينات خارجية في لجنة تحديد السياسة النقدية، ما يشير إلى وعيه بأهمية التنوع المعرفي ودوره في التصدي للتفكير الجمعي الخطر.
لا تسئ فهمي، فأنا لا أشير إلى أن بنك إنجلترا بلا خطايا، إذ أن له أخطاءه في الظرف الاقتصادي والمالي والسياسي الذي نعيشه الآن. إلا أنه تفوق على آخرين في جوانب عديدة، من بينها النزاهة والتواضع والاستعداد للتعلم من أخطائه.
خاص بـ «بلومبرغ»

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي