بيتكوين .. الحصول على العنب أم قتل الناطور؟
هدف المضاربين ليس الوصول إلى قناعة حول صحة بيتكوين وغيرها من العملات المشفرة، بل هدفهم الاستفادة من ارتفاع سعر وسيلة مالية جديدة، أصبحت الآن مكملة للاستثمار ومعترف بها من قبل الأسواق المالية ومثار اهتمام ومتابعة من قبل كبرى المؤسسات المالية حول العالم، فهل لا تزال التوقعات قائمة بشأن مستقبل عملة بيتكوين ووصولها إلى 1.5 مليون دولار، كما ورد على لسان أحد أبرز مديري الصناديق الاستثمارية؟ وقتها كان سعر بيتكوين 40 ألف دولار، مرتفعاً من مستويات 16 ألف دولار قبل ذلك بنحو عام، ثم وصل إلى 70 ألف دولار في مارس الماضي، وهو الآن بحدود 58 ألف دولار.
هناك عدة مؤثرات في سعر بيتكوين، منها التضخم الذي يؤدي ارتفاعه إلى ارتفاع سعر العملة، حيث ينظر بعض المحللين إلى العملة المشفرة كوسيلة دفاعية ضد التضخم وتدهور العملة الورقية، لذا فبعض التوقعات تشير إلى أن استمرار التضخم في الانخفاض سيؤثر سلباً في سعر بيتكوين، وقد جاءت آخر بيانات التضخم مشيرة إلى انخفاض التضخم إلى 3% سنوياً، وهو الأمر الذي يعد تطوراً اقتصادياً إيجابياً، فإلى مدى ستتأثر بيتكوين بذلك؟ وهل من مؤثرات أخرى في مسار العملة وبلوغها الأرقام الفلكية التي يدعي مؤيدو العملة الوصول إليها خلال سنوات قليلة؟ بداية لا ننسى أن بيانات التضخم ليست إيجابية كما يبدو ظاهرياً لأن انخفاض التضخم يأتي بشكل بطيء، فهو لا يزال أعلى من مستويات ما قبل 2022، وبعيد عن 2% المستهدفة، وكما نعلم فإن مستويات الأسعار لا تزال تتصاعد، أي في حقيقة الأمر لا يوجد انخفاض في الأسعار، فقط هناك انخفاض في نسبة الارتفاع، وإلا فإن الأسعار حالياً أعلى من العام الماضي 3%. من جهة أخرى نجد أن السلاح التقليدي ضد التضخم، معدن الذهب، لا يزال يسجل ارتفاعات تاريخية عند مستويات 2400 دولار للأونصة، فلو كان التضخم مسيطر عليه لماذا إذاً يستمر الذهب في الصعود؟ ولو كانت العملة الورقية في وضع آمن، هل يستمر الذهب في الصعود؟ مثل هذه التساؤلات هي التي تدور في أذهان المستثمرين على وجه العموم، وعلى مستثمري بيتكوين على وجه الخصوص.
من الواضح أن اندفاع الناس نحو الصناديق المتداولة الخاصة بعملة بيتكوين له تأثير كبير في سعر العملة، وسيستمر ذلك فترة طويلة، والسبب أن هذه الوسائل الجديدة التي انطلقت مطلع العام لها دور مهم في التأثير على سعر العملة، لكونها بدأت تصبح الطريقة الشعبية للدخول إلى العملة المشفرة، ولا سيما أن من يدير هذه الصناديق بعض من أكبر المؤسسات المالية في العالم، مثل "بلاك روك" و"فيديلتي". ما يراهن عليه بعض المطلعين هو أن هناك حالات شراء لبيتكوين ستأتي عن طريق هذه الصناديق، وهي حالات يقوم فيها صناع السوق ومديري الصناديق وكبار المستثمرين بإجراء عمليات مراجحة لاستغلال أي تباين يحدث بين سعر الصندوق وسعر العملة، وبالتالي تكون المحصلة النهائية تزايد الإقبال على العملة المشفرة، وهذا بالفعل ما حدث في الأشهر الأولى من العام، وهو ما يراهن عليه مستثمرو بيتكوين.
من جهة أخرى، هناك طرق أخرى للحصول على بيتكوين برافعات مالية كبيرة، عن طريق العقود المستقبلية لعملة بيتكوين، التي تمكّن المضاربين من مضاعفة الأرباح - والخسائر بطبيعة الحال - بشكل لا يمكن القيام به عن طريق العملة ذاتها ولا عن طريق صناديقها المتداولة. فهناك عقود بيتكوين العادية التي يحتوي عقدها على خمس قطع بيتكوين، وهناك العقود الصغرى التي يحتوي عقدها على 0.1 بيتكوين، وبالتالي يكون الضمان المطلوب في العقود الصغرى أصغر بـ50 مرة عن الصغيرة، بدلاً من 125 ألف دولار على الأقل في حساب المتداول، يمكن الاستفادة من الرافعة المالية بضمان مبلغه 2500 دولار فقط. حالياً لا توجد عقود خيارات متاحة بسهولة من قبل كبار الوسطاء سواء على صناديق بيتكوين أو عقودها، لذا من المتوقع حين يتم السماح بعقود الخيارات على بيتكوين وإتاحتها بسهولة لجميع المتداولين فقد نرى ارتفاعات أكبر للعملة في المستقبل.