كيف يمكن للبنوك الإسلامية التكيف مع خفض الفائدة؟

تنتظر الأسواق العالمية بداية رحلة جديدة تتعلق بأسعار الفائدة التي صعدت خلال الفترة الماضية بهدف مواجهة التضخم، حيث يتوقع أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مرحلة جديدة لخفض أسعار الفائدة بعد أن استقرت نسبيا معدلات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية.

في تقرير "بلومبرغ" حول نتائج ومستقبل بعض البنوك السعودية ومنها بنك الراجحي، ذكر محللون أن "البنك جاهز لمواجهة موجة خفض أسعار الفائدة، حيث إنه الأقدر على التكيف مع خفض الفائدة."مصرف الراجحي" يجمع مليار دولار من طرح صكوك رأس مال إضافي  وتمكن مصرف الراجحي من أن يجمع مليار دولار من طرح صكوك رأسمال إضافي، وأشارت التوقعات أيضا إلى ارتفاع أصول البنك إلى 733 مليار ريال"، وبحسب التقرير فإن المصرف عزز السيولة لديه من خلال إصدار الصكوك، كما أنه توسع في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة. وفي تعليق للأستاذ حسين الرقيب - بحسب ما نشره موقع العربية نت - أن مصرف الراجحي قد تأثر بسبب تمويل قطاع الأفراد بتكلفة منخفضة، تبعه ارتفاع متواصل لأسعار الفائدة، وهذا بالتالي أثر في المصرف، باعتبار تكلفة الحصول على السيولة أصبح أكبر من العوائد التي حصل عليها من عملائه، وعودة أسعار الفائدة التي يمكن أن تخفف من حجم الخسائر، خصوصا أن التمويلات الجديدة ستكون وفقا للتسعير الجديد للتمويل.

التحولات في أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية يمكن أن تكون تحديا للبنوك الإسلامية، حيث إنها أتت دون أن يكون لديها حساب، لذلك خصوصا مع تقديم أسعار منخفضة لتكلفة التمويل لمدد متوسطة نسبيا، وبالنظر إلى تجارب لبعض البنوك في العالم نجد أن مجموعة منها تكبدت خسائر وأخزى أفلست بسبب أنها استثمرت في سندات منخفضة العائد، وبعد ذلك اضطرت إلى أن تقترض بتكلفة أعلى، ما تسبب في عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها وبالتالي إفلاسها.

من أهم الدروس لهذه التجربة أن يكون لدى البنوك الإسلامية توازن بين المنتجات ذات العائد الثابت مثل عقود المرابحات والعائد المتغير مثل عقود الإجارة وبالتالي يمكن لها أن تكون أكثر قدرة على مواجهة المتغيرات. وفي تجربة مصرف الراجحي وبحسب تقرير "بلومبرغ" نجد أن توسعه في تمويل قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة أسهم في استمرار نمو الأرباح، إذ إن غالب هذه التمويلات قصيرة الأجل وتراعي متغيرات تكلفة التمويل.

خفض أسعار الفائدة قد يعيد انتعاش سوق التمويل خصوصا لقطاع الأفراد وتحديدا التمويل العقاري الذي يصعب على المؤسسات المالية الأخرى منافسة البنوك فيه، لكن فيما يتعلق بالتمويل الشخصي ورغم الأفضلية النسبية للبنوك إلا أن المؤسسات المالية ستدخل معها في منافسة كبيرة خصوصا أن تكلفة الحصول على السيولة لن تكون في الغالب مجانية كما كانت في السابق للبنوك، باعتبار أن لدى العملاء خيارات للاستفادة من مدخراتهم، كما أن شركات التمويل قد تكون لديها خيارات للحصول على السيولة من غير البنوك مثل الصكوك الإسلامية والصناديق المتخصصة.

التحديات التي تواجه البنوك الإسلامية قائمة ولن تكون هي الوحيدة في السوق في ظل منافسة جهات تمويلية أخرى، وهنا تأتي أهمية التنوع في الخيارات والأدوات التي يمكن أن تعزز من استمرار نموها.

فالخلاصة أن البنوك الإسلامية في السعودية ستكون لديها كفاءة جيدة في مواجهة تحديات سوق التمويل بعد البدء في خفض أسعار الفائدة، لكن التحديات ستبقى قائمة في ظل نضج أكبر لسوق التمويل ودخول جهات جديدة وخيارات متنوعة للحصول على السيولة، ووعي أكبر لدى الأفراد للاستفادة من مدخراتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي