تنظيم كأس العالم 2034 .. منافع اقتصادية مستدامة

فرحة عارمة عمت مختلف شرائح المجتمع في السعودية، وليس فيها فقط بل في المنطقة العربية والإسلامية ومحبي كرة القدم، بفرصة حضور تجربة مختلفة في هذه النسخة، باعتبار أن هذا يتوج حلما للمنطقة بأن لديها فرصا واعدة للازدهار، باعتبار أن تنظيم مثل هذه المحافل يعكس حجم التطور الذي تشهده السعودية ويقدم نموذجا يحتذى في المنطقة.
فرحة السعوديين ليست بأن هذا يمثل تظاهرة عالمية لمحبي الكرة لمشاهدة مباريات لا تتكرر إلا كل 4 أعوام، بل حجم الإنجاز الذي تحقق خلال الفترة الماضية، ما جعل السعودية لديها قصة نجاح ستكون -بإذن الله- الأهم في العالم خلال القرن الحالي، وهو يؤكد بشواهد عالمية أن مسار الرؤية يحقق أكثر مما كان متوقعا، رغم أنها تحد كبير عندما قررت السعودية اتخاذ قرار تاريخي بأن تتحول من الاعتماد على النفط الى تنويع مصادر الدخل من خلال برامج متعددة، ووضعت أهدافا طموحة تمكنت من تحقيق معظمها في منتصف الطريق.
هذا الحدث ومن اليوم الأول للإعلان سيكون له أثر اقتصادي مباشر وغير مباشر وهو داعم كبير لنشاط القطاع الخاص، باعتبار أنه سيتم البدء بالتجهيز لهذا المونديال الضخم، الذي ستتضاعف أعداد الحضور فيه عن النسخ السابقة وستستمر لمدة أطول من النسخ السابقة، ما يعني مضاعفة للمنافع الاقتصادية خصوصا عندما نعلم أن الفرص ستكون أكبر أمام الدول التي لديها أعداد سكان أكبر في المنطقة مثل الصين وإندونيسيا ودول في إفريقيا للمشاركة في مثل هذه التظاهرة، ما يعني أن هناك فرصا أكبر لتنشيط الاقتصاد.
تسبق هذا الحدث الكبير أحداث لا تقل أهمية من جهة تحقيق المنافع الاقتصادية مثل كأس آسيا 2027، ومعرض أكسبو 2030، حيث يتوقع توافد أعداد كبيرة من مختلف دول العالم لحضور هذه المناسبات الكبيرة، والسعودية لها خبرة كبيرة في تنظيم مثل هذه المناسبات بما يحقق سلاسة في الحركة ومتعة في التجربة.
يسبق هذه التظاهرات العالمية اكتمال المشاريع الكبرى السياحية في العلا والبحر الأحمر والقدية والسودة والرياض والدرعية وجدة، ومشاريع كبيرة أخرى يعمل عليها القطاع الخاص حاليا في مختلف المناطق.
مثل هذه التظاهرات العالمية تنشط مختلف قطاعات الاقتصاد، حيث إنها تبدأ بقطاع الإنشاءات، وهذا القطاع بالذات ينشط مختلف القطاعات بما في ذلك الضيافة والتجزئة والخدمات وغيرها، وهذا يمتد طيلة فترة العمل على هذه المشاريع حيث لا يقتصر العمل على مشاريع الملاعب والمباني بل يشمل مشاريع مدرجة ضمن الخطط الحكومية، بما في ذلك مشاريع للبنية التحتية والمواصلات وقطاع السياحة والضيافة وغيرها.
ولعل أكثر المنتفعين بهذا النشاط الاقتصادي الكبير هو قطاع التمويل الذي سيستمر الطلب عليه بصورة كبيرة خلال الفترة المقبلة، رغم الظروف الحالية التي استنفدت فيها شركات التمويل والبنوك كل ما لديها من سيولة، ما يتطلب معه أن تكون لديها خطط لدعم محافظها من السيولة اللازمة للتمويل، أو أن هناك تدفقا للاستثمارات الأجنبية لسد هذه الفجوة.
فالخلاصة أن اختيار السعودية لتنظيم كأس العالم 2034 هو تتويج لنجاحات برنامج التحول الاقتصادي بشهادة عالمية، وهذه التظاهرة ستدعم الاقتصاد الوطني في مختلف القطاعات، حيث ستستفيد هذه القطاعات من اللحظة الأولى للإعلان، ولا يقتصر ذلك على قطاع الإنشاءات الذي يعتبر محركا لمختلف القطاعات الاقتصادية، وأهم المستفيدين هو القطاع المالي، باعتبار أن الطلب على التمويل سيزداد خلال الفترة المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي