القطاع الدوائي السعودي .. والمنافسة عالميا

منذ انطلاق صناعة الدواء في بلادنا منتصف الثمانينيات الميلادية ونحن نتابع ونأمل أن ترتفع نسبة إنتاجنا وعدم اعتمادنا على استيراد الدواء من الخارج التي بلغت نسبة عالية تقدر بـ 81 % من حاجة سوق الدواء السعودية، إلى جانب 94 % من الأجهزة الطبية الضرورية.

وجاءت أزمة كورونا فكانت (الضارة النافعة) كما يقال، حيث وجدنا بعض الصعوبات في استيراد الأدوية وبعض الأجهزة الطبية لحاجة الدول المنتجة لجميع ما تقوم مصانعها بإنتاجه، وأصبحت لا تصدر إلا القليل وبأغلى الأسعار.

ومن هنا جاءت فكرة وضع إستراتيجية جديدة للقطاع الدوائي لا تقوم على إنتاج ما تحتاجه بلادنا فقط، وإنما المنافسة في سوق الدواء العالمية، وهذه الخطوة جاءت متوافقة تماماً مع الخطوات الطموحة لرؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اهتماما ومتابعة في كل القطاعات وبالذات القطاعات المهمة والدواء على رأس القائمة، حيث جاءت الإستراتيجية أعم وأشمل من مجرد صناعة الدواء، وإنما أُطلقت مطلع هذا العام تحت اسم (الإستراتيجية الوطنية للتقنيات الحيوية) التي تهدف إلى أن تأخذ السعودية دوراً ريادياً إقليمياً وعالمياً في البحث والتطوير للتقنيات الحيوية التي تشمل الدواء وغيره من الاحتياجات الطبية.

وتنفيذا لهذه الإستراتيجية أقيم في الرياض الأسبوع الماضي المعرض الدوائي العالمي (CPHI الشرق الأوسط) الذي قال عنه وزير الصحة فهد الجلاجل: إن استضافة هذا المعرض تأتي تعزيزاً لمكانة السعودية كمركز إقليمي للابتكار في الصناعات الدوائية.

وأضاف أن حجم سوق الدواء السعودية يمثل أكثر من نصف حجم السوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحصة تتجاوز 15 مليار دولار، كما تعد سوق الصناعات الدوائية في السعودية من أسرع الأسواق نموا بين دول مجموعة العشرين.

وأكد نائب وزير الصحة للتخطيط والتطوير المهندس عبدالعزيز الرميح أهمية عملية التحول التي يشهدها قطاع الرعاية الصحية وتوسيع دور القطاع الخاص بشكل أساسي في الصناعات الدوائية، مشيراً إلى التطلع إلى تحقيق الريادة على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2023.

وشهد المعرض الدوائي العالمي يوم الثلاثاء الماضي توقيع عدد من الاتفاقيات بلغت قيمتها أكثر من 10 مليارات ريال، والإعلان عن مجموعة من الشراكات الإستراتيجية مع كبرى الشركات المحلية والعالمية التي ستسهم في تصنيع أدوية متطورة منها الأدوية الحيوية وأدوية الأورام، إضافة إلى إنشاء مركز لوجستي في مدينة الرياض مجهز بأحدث أنظمة التشغيل الآلي والطاقة الشمسية المستدامة.

وأخيراً: يدخل القطاع الدوائي السعودي مرحلة جديدة أكثر تطوراً تمكنه من أن ينافس عالمياً، إضافة إلى تحقيق أهداف الأمن الدوائي والمساهمة الاقتصادية في الناتج المحلي، وما يتكامل معها من معامل وتجهيزات للبحث والابتكار الذي سينتج عنه نمواً لهذا القطاع وإضافات نوعية يمكن أن تقدمها السعودية للعالم مثلما تفعل في كل قطاع تركز عليه أو نشاط تلتفت إليه.

وهكذا سنرى بلادنا - إن شاء الله - تصدر الدواء والأجهزة الطبية إلى مختلف دول العالم، ‏وهي قادرة على ذلك بما لديها من الإمكانيات المادية والبشرية والعقول، مع توفير هذا القطاع مجالات للاستثمار وفرصا وظيفية لابنائها من الشباب والشابات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي