الأثر المستدام لاستضافة كأس العالم 2034

أضافت السعودية إلى سجلها من الأحداث الجوهرية التي ستستضيفها، فوزها باستضافة كأس العالم 2034 بمعدل نقاط هو الأعلى في تاريخ البطولة ذاتها كثمرة لدعم القيادة ثم جهد من عملوا لجعل هذا الملف أكثر إقناعا وأعلى نقاطا، فهذا ضمن سلسة الأحلام المترجمة إلى الوقع.

تحتفل الدول عند فوزها في تنظيم مثل هذه الفعاليات لعوامل متعددة، كونه منجزا وطنيا لأي دولة تفوز بالتأييد لتنظيم الكأس، ولهذا التنظيم آثاره الإيجابية على الصعيد الاقتصادي والسياسي. بالإمكان تقسيم الأثر من التنظيم لآثار محسوسة على أي بلد تستضيف حدثا بهذه الضخامة أو تنظيم مثل هذه الفعاليات الكبرى، وآثار غير محسوسة تنعكس على الصورة العامة على البلد المستضيف لوقوعها ضمن دائرة الضوء والمتابعة، فالفائدة بالتعريف بها وبحضارتها وثقافتها آثار غير محسوسة، عليه فهي تنمي الصورة المعرفية للبلدان المستضيفة، إضافة إلى أن البلد المستضيف سيكون أمام خطة واضحة لتجهيز البنية التحتية اللازمة لضمان نجاح الاستضافة فتدخل ضمن دائرة الفرصة الاستثمارية الظاهرة المرتبطة بتنظيم البطولة.

منذ انطلاق أولى بطولات كأس العالم 1930 بدأت تكتسب الأنظار من ناحية المتابعة والأثر الاقتصادي والاهتمام قفزت تكاليف امتياز النقل التلفزيوني إلى مليارات الدولارات كما قفز أعداد الحضور لكأس العالم في كل نسخة من نسخه السابقة انطلاقا من 430 ألفا حضروا الانطلاقة الأولى وصولا لمتوسط عدد حضور يقترب من 3.3 مليون مشجع في النسخ الثلاث الأخيرة، ويرشح أن يستمر هذا المتوسط بالتزايد خصوصا مع زيادة أعداد الفرق المشاركة في بطولات كأس العالم إلى 48 منتخبا والتسهيلات الإضافية التي يتلقاها قطاع السياحة والسفر عالميا.

سيكون الأثر في السعودية من استضافة كأس العالم مماثلا للخطوط العريضة التي ينظر لها المجتمع الاستثماري والكروي من حيث الفرصة، التهيئة والوصول إلى اقتصاد يحقق معدلات نمو مستمرة ومستدامة، إلا أن لفوز السعودية بالتنظيم زوايا مختلفة عما يمكن النظر إليه في فوز عدد من الدول الأخرى المنظمة سابقا للبطولة، فالبنية التحتية للسعودية ذات جاهزية عالية بالنظر إلى ما تعمل عليه البلاد اليوم ومنذ سنوات في كل أشكال البنية التحتية واللوجستية مثل النقل الجوي، شبكات الطرق، النقل العام الجاهزية الإدارية لذلك.

فإن الناظر إلى السعودية بفوزها في التنظيم سيأخذ نظرته من الأثر الاقتصادي والناتج الإجمالي الذي تتفاوت تقديراته بين 100 و 120 مليارا من حجم الاقتصاد وصولا إلى عمق القطاعات بشكل أكثر عمقا وتخصصية تفصل المدن المستضيفة في السعودية، الملاعب المراد تشييدها، الطلب على المنتجات السياحية، الإعاشة، الإقامة، القطاعات الخدمية واللوجستية، حجم الوظائف المباشرة وغير مباشرة التي ستخلقها فرصة الاستضافة هذه والفرص الأخرى، أيضا لن تكن البنية التحتية الأساسية رغم أهميتها هي المنظور الأكثر جذبا لجاهزيتها الحالية لأي استضافة في أي مجال كان.

إذن ستكون الفرصة للباحثين عن الأنشطة المتفاعلة في القطاعات المساندة لإتمام الاستضافة، فلا ننسى أنه بجانب هذه الاستضافة الكبيرة لدى السعودية استضافات واستحقاقات كبرى أخرى مثل معرض الأكسبو 2030 الذي فازت باستضافته الرياض.

إن الفرصة الكبيرة المتاحة الآن للسعودية لتعزيز دورها على خريطة السياحة الدولية من خلال استغلال كل ما يعمل عليه الآن للرفع من جاذبيتها السياحية والتعريف الأكبر بحضارة وثقافة السعودية المتنوعة لجميع مناطقها. إن التركيز على الآثار غير المحسوسة لا يلغي الأثر الاقتصادي المصاحب للاستضافة، وإنما يرسخ لأثر مستدام وطويل الأمد في قطاعات رقعة واسعة من قطاعات الاقتصاد المحلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي