تفويض الصلاحيات لا إفراط لا تفريط!

تفويض الصلاحيات لا إفراط لا تفريط!عبر كل الأزمنة كانت السياسات الإدارية ثابتة بين المركزية واللامركزية في جميع المنظومات والأعمال سواء كان ذلك في المنظومات الحكومية، الربحية أو غير الربحية، ففي طبيعة الحال يتسم الأشخاص بصفاتهم الشخصية إلى القناعة إما بأنهم الأنسب لإتمام كافة المهام والوصول إلى أفضل مخرج نهائي ممكن، بمعنى آخر يعتقد المركزيون بأنهم الأنسب في تأدية كل شيء للوصول إلى أفضل نتيجة! ولهذه المركزية أثرها في طبيعة وطريقة أداء فريق العمل والمنظومة في نهاية المطاف، على الصعيد الآخر يأتي النمط اللامركزي حيث يهتم القائد المدير بالوصول إلى النتائج النهائية الأمثل عبر الإشراف على منظومة متنوعة من الأعمال وإعطاء كل فرد في المنظومة الصلاحيات اللازمة لإتمام المهام.

هذه الافتتاحية لا يراد بها الحكم على طريقتين مختلفتين من الإدارة سادت منذ أن وجدت المنظومات عبر التاريخ ولكل منها وقتها المناسب في عمر المنظومة فلا يمكن أن يطلب توزيع المهام لمنشآت صغيرة! ودائرة الأعمال فيها ضيقة بالأساس وتتطلب التركيز، لكن كل ما اتسعت رقعة المنظومة والأعمال أصبح من الضروري التوجه إلى نموذج عمل لا مركزي يتيح تيسير الأعمال بشكل أكثر فاعلية، لأن المركزية في ذاتها ستتسبب بعرقلة التوسع وتعظيم دور أي كيان أو قدرته على تعظيم الأرباح وخوض المنافسة. خسر الأخوين ماكدونالدز بسبب المركزية ومنظور الكمال ما بدأه قبل أن تنتقل الحصة الأكبر من هذه الأعمال إلى الوكيل الذي أبقى الاسم تلك القصة الشهيرة للأخوين ماكدونالدز رغم ضخامة الشركة اليوم إلا أن المركزية أخسرتهم الوزن الأكبر من الشركة سعيا للكمال.

إن الأضرار من المركزية رغم نظرة الكمال لمن يديرون بها منشآتهم تبطئ من القدرة المتاحة للنمو. كل ما أراد الذهن الابتعاد عن الآثار السلبية للمركزية تعيد دائرة الفكر تلك النظرة مره أخرى لكونها ثقل إضافي يحد من مرونة الحركة والقرارات على وجه العموم. إن تفويض الصلاحيات والأعمال فن يعتمد على حس القائد فيما يمكن التفويض عليه من أعمال وما يتطلب بقاء الصلاحيات في يده بحيث لا يصل إلى التفريط وخفض الإنتاجية واتساع رقعة التسيب وضياع دائرة المسائلة والمسؤولية في نهاية المطاف فالمهم عند تفويض الأعمال والصلاحيات أن يكون لكل مفوض صلاحياته في نطاق عملة وأن يكون لكل منتج مالك أو مدير. يسهم اتباع سياسية تفويض الصلاحيات في رفعة كفاءة طاقم العمل في المنظومات ويرفع من كفاءة الإنتاجية لديهم ويعزز بناء قادة إضافيين للمنظومة.

كما يعزز من دائرة اتخاذ القرارات لتداخل أطراف متعددة في صنع القرار من الإدارة وأصحاب الاختصاص. على الصعيد الآخر يتساهم المبالغة في تفويض الصلاحيات بفقد السيطرة والتحكم، كذلك التفويض المبالغ فيه للمهام سيضع فريق المديرين التوتر والإرهاق لأن تحمل المسؤوليات مهارة تكبر مع سنوات الخبرة والتعرض لأحداث متعددة، سيوصل التفريط في تفويض الصلاحيات المنظمة إلى خسارة القدرة على المحاسبة.

رغم إيجابية التفويض إلى أن ضبط القواعد لتفويض الصلاحيات أمر ضروري من خلال وضع قائمة من الأهداف والمخرجات المنتظرة من المفوض، التأكد بأن خبرات ومعرفة المفوضين بما تم تفويضهم به، ولأن التفويض بالصلاحيات فن فليس له إطار واضح شامل وإنما يشمله حس القاعد الذي يوجه المنظومة نحو تحقيق أهدافها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي