"بوينج" تجسد فرص ومخاطر القطاع الصناعي لعام 2025

يبدأ العام الجديد بالكثير من القضايا المثيرة والمدهشة، خاصة في مجالات التصنيع والفضاء والخدمات اللوجستية، وهي المجالات التي أبحث فيها عن قصص مثيرة للاهتمام حول كيفية تعامل الشركات مع الفرص والعثرات.

أفعال الرئيس المنتخب دونالد ترمب ستكون محط تركيز رئيسي عندما يتولى منصبه في 20 يناير، وخاصة إستراتيجيته الفضفاضة بشأن الرسوم الجمركية. وتشعر الشركات الصناعية بالقلق بشأن كيفية تأثيرها على المكونات التي تستوردها أو السلع التي تصدرها.

سيبدأ التوتر حتى قبل ذلك مع تهديد عمال الموانئ في الساحل الشرقي بالإضراب في 15 يناير إذا لم يتضمن عقد العمل الخاص بهم نصوصاً مناهضة للأتمتة. ولن تكون هذه بداية جيدة لسوق الشحن التي تحاول الخروج من حالة الركود التي استمرت عامين.

ومع ذلك، فإن القصة الأكبر لقطاع التصنيع ستكون محاولة شركة "بوينج" لتغيير ثقافة التصنيع المتعثرة لديها.

الهدف واضح ومباشر: يجب على "بوينج" زيادة إنتاج الطائرات مع وضع الجودة والسلامة في المقام الأول. والمفارقة هي أنه كلما زاد نجاح الرئيس التنفيذي الجديد كيلي أورتبرغ في هذه المهمة، أصبحت القصة أكثر رتابة ومللا.

هذه الرتابة والخفوت تمثل تطورا جيدا بعد تجربة "بوينج" الفظيعة في 2024، والتي بدأت بانفجار سدادة باب أثناء رحلة للطائرة 737 ماكس، وانتهت بإضراب الميكانيكيين الذي استمر 53 يوماً مما زاد من خسائر الشركة.

أما في مجال الفضاء، سيقدم إيلون ماسك مسرحاً لا بد من مشاهدته بصفته الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس"، التي أحدثت ثورة في مجال الإطلاق بصواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، وبوصفه أيضاً مستشاراً للرئيس في كيفية تنظيم عمل "إدارة الطيران الفيدرالية" التي تنظم هذا القطاع.

وستشعر شركات صناعة الطائرات العمودية التي تعمل بالطاقة الكهربائية، ومن بينها شركتا "آرتشر أفييشن" و"جوبي أفييشن" للطيران، بسعادة غامرة إذا تمكن ماسك من إشعال النار تحت إدارة الطيران الفيدرالية لاعتماد آلات الطيران الجديدة الخاصة بها.

قضايا فرعية في التصنيع والفضاء

هناك تفاؤل يتزايد في 2025 بأن تجديد التخفيضات الضريبية والدفع نحو تحرير الاقتصاد سيدعمان قطاع الأعمال. ومن المفيد أن أسعار الفائدة تتجه إلى الانخفاض جنباً إلى جنب مع معدل التضخم.

ستظهر قضايا فرعية لا تُعد ولا تُحصى في قطاعات التصنيع والفضاء والخدمات اللوجستية على مدى العام وتقدم الإجابات على الأسئلة الرئيسية. هل سينتعش الطلب على الشحن أخيراً، مما سيؤدي إلى خروج قطاع النقل بالشاحنات من حالة الركود؟ هل سيوقف ترمب الحوثيين في اليمن عن إطلاق الصواريخ على السفن التجارية، ويعيد فتح قناة السويس أمام حركة نقل الحاويات؟ هل تستطيع السكك الحديدية الحفاظ على خدمة جيدة عندما ينتعش نقل البضائع من حيث الحجم؟

هل ستحفز التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية الاقتصاد الصناعي وتخرج التصنيع من الركود الذي دام عامين؟ هل ستصل المركبات الكبيرة ذاتية القيادة أخيراً إلى الطرق السريعة؟ هل ستجد شركتا الطيران منخفضة التكلفة، شركة "فرونتير جروب هولدينجز" وشركة "سبيريت إيرلاينز" طريقة لتحقيق الأرباح في ظل التحول نحو تجارب الطيران المتميزة بعد كوفيد-19؟ هل سترضخ شركة "هاني ويل إنترناشونال" لمطالب شركة "إليوت إنفستمننت مانجمنت"وتفصل نشاطها في مجال الطيران في شركة مستقلة؟

حالة "بوينج"

تأمل شركة "بوينج" ألا يكون 2025 حافلاً بالأحداث مثل 2024، عندما أعادت وزارة العدل فتح قضيتها المتعلقة بحادثين مميتين في 2018 و2019. وألقت جلسات الاستماع في الكونجرس والمبلغين عن المخالفات نظرة خاطفة على كيفية وقوع الشركة في هاوية العجز عن أداء مهامها. كما تدخلت إدارة الطيران الفيدرالية للإشراف على عمليات التصنيع في الشركة ووضعت حدوداً للإنتاج على طائرتها الرئيسية من طراز 737 ماكس.

لدى أورتبرغ، الذي تم تعيينه في أغسطس الماضي، فرصة لبداية جديدة في العام الجديد. فقد أعلنت الشركة الأسبوع الماضي أن جميع مصانعها في شمال غرب المحيط الهادئ عادت إلى إنتاج الطائرات بعد الإضراب المدمر.

لا يقتصر الانتعاش على شركة "بوينج" فقط. إذ تعتمد سلسلة توريد ضخمة في مجال الطيران، والتي تشمل شركات كبيرة مثل "هني ويل" و"آر تي إكس كورب" وشركة "جي إي إلكتريك" على عودة "بوينج" إلى الإنتاج المستقر والموثوق. وتعتمد شركات الطيران في جميع أنحاء العالم على الشركة لزيادة تسليم الطائرات لتجديد أساطيلها وإضافة طاقة استيعابية.

ويجب على وزارة العدل إنهاء صفقة الإقرار بالذنب التي أبرمتها مع شركة "بوينج" وإنهاء المشكلات القانونية الناجمة عن حوادث طائرات 737 ماكس. وتحتاج إدارة الطيران الفيدرالية إلى توفير رقابة شفافة مع إعطاء أورتبرغ فرصة لبناء ثقافة التميز في التصنيع.

الرسوم الجمركية

تتابع الشركة الصناعية الأميركية تصريحات ترمب بشأن الرسوم الجمركية متابعة دقيقة بحثا عن أدلة حول كيفية تأثير النزاعات التجارية على سلاسل التوريد الخاصة بها وأسواق صادراتها. قد يكون الخلاف بشأن الرسوم الجمركية مع المكسيك وكندا -جيران الولايات المتحدة وأكبر شركائها التجاريين- مشكلة بالنسبة للصناعيين لأن اقتصادات اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية متشابكة تشابكاً عميقاً. كما أن هناك احتمال أن ترد كندا والمكسيك برسوم جمركية عنيفة مصممة لإلحاق أقصى قدر.

الشركات أكثر استعداداً لحرب تجارية مع الصين. فكثير من الشركات الإنتاجية لديها بالفعل سلاسل توريد متنوعة لتجنب الاعتماد بشكل كبير على الصين. وقد تحولت خطوط التوريد إلى دول آسيوية أخرى وإلى أميركا الشمالية، ومعظمها في المكسيك. وتميل الشركات متعددة الجنسيات التي تعمل في الصين، بما في ذلك شركة إيتون كورب وشركة إيمرسون إلكتريك، إلى تصنيع منتجات هناك لبيعها في السوق المحلية.

من المستحيل التنبؤ إلى أي مدى ستزيد إدارة ترمب من حدة التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين. ومن المرجح أن يستمر الحظر المفروض على بيع رقائق الكمبيوتر المتطورة التي يمكن أن ينتهي بها المطاف في الأسلحة الصينية.

وقد يجد الموردون الأميركيون الذين يصنعون الأجزاء، بما في ذلك محركات الطائرات وأجهزة التحكم في قمرة القيادة، للطائرة التجارية C919 أنفسهم في مرمى النيران. هذه الطائرة الجديدة، التي يتم تجميعها من قبل شركة الطائرات التجارية الصينية المحدودة، والتي يتم تسييرها من قبل شركات الطيران الصينية وهي منافس محتمل لشركتي "بوينج" و"إيرباص".

نقل البضائع

من المتوقع أن تنتعش حركة الشحن في 2025. ومرة أخرى، كان من المفترض أن يتعافى هذا القطاع في 2024. وبدلاً من ذلك، فإن التكدس الذي أعقب الجائحة بسبب زيادة طاقة النقل بالشاحنات أبقى القطاع ضعيفا.

من المتوقع أن يتوسع الاقتصاد الأميركي 2.1% ومن المتوقع أن ينمو الإنتاج الصناعي 1.1%، وفقاً لخبراء اقتصاديين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم. وهذا من شأنه أن يدعم ارتفاع الطلب على الشحن.

التطور الأكثر إثارة للاهتمام في سوق الشحن هو إدخال الشاحنات ذاتية القيادة. وقد كان من المفترض أن يحدث هذا أيضا في نهاية 2024. تخطط الآن شركة "أورورا إنوفيشن"، وهي شركة مطروحة للتداول العام، لتشغيل شاحنات ذات 18 عجلة ذاتية القيادة لنقل البضائع بين دالاس وهيوستن في 2025. وتقول الشركة إنها ستضيف الشاحنات الآلية ببطء وستوسع خطوط النقل في نهاية المطاف في جميع أنحاء الجنوب، باستثناء كاليفورنيا، التي تفرض قيوداً.

شركة "كودياك روبوتيكس" ، وهي شركة مغلقة على ملاكها، ستطلق تقنيتها ذاتية القيادة لأول مرة على الطرق الخاصة في غرب تكساس المتربة حيث تعاونت مع شركة "أطلس إنيرجي سولوشنز" لنقل الرمال الصخرية إلى آبار النفط.

وتُعد هذه الحالة للاستخدام مثالية لأن السرعة القصوى للطرق غير الممهدة تبلغ 20 ميلاً في الساعة، وتعمل على مدى الساعة، كما أن هذه الطرق في منطقة نائية يصعب فيها توظيف سائقين. وتتمثل الخطة في البدء بشاحنتين كبيرتين بدون سائق لنقل الرمال في أوائل العام الجديد والعمل من هناك.

بعيداً عن هذه المواضيع الكبيرة، إذا كان 2024 مرشدا لنا، فإن 2025 سيحمل أسئلة لم نفكر فيها بعد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي