الأربعاء, 2 أَبْريل 2025 | 3 شَوّال 1446


دفع التغيير .. الاقتصاد بقيادة المرأة

 

منذ فترة طويلة للغاية، ترسم المؤسسات الغربية مسار البحث التجريبي والتوصيات المتعلقة بالسياسات. ولا يترك الباحثون المقيمون في الاقتصادات النامية إلا بصمة ضئيلة للغاية في الإصدارات الدورية الكبرى المعنية بالاقتصاد. فمقالاتهم لا تمثل سوى 7% من مجموع المقالات التي تنشرها أفضل 10 دوريات متخصصة، كما أشير أنا وإيرنست آنييه وجيكوب غرينسبان في بحثنا وشيك الإصدار، وإن كان الوزن الجماعي لهذه المقالات في الاقتصاد العالمي يتجاوز 60% (عند حساب نصيب بلدانهم في إجمالي الناتج المحلي العالمي على أساس تعادل القوى الشرائية). أما تمثيل خبيرات الاقتصاد، فهو أقل من ذلك على جميع الجبهات.

وحتى عندما تُنشر الأبحاث، فإن لفت الانتباه إليها يمثل تحديا كبيرا. فالترويج للأبحاث في الأوساط الأكاديمية يختلف تماما عن جذب الاهتمام إليها على نطاق أوسع. وترجمة الأبحاث إلى سياسات ملموسة يتطلب تواصلا مستمرا مع صناع السياسات والجمهور، وهي عملية شاقة تتقاطع مع محدودية الموارد والوقت المتاحين للباحثين. ويؤدي هذا إلى معضلة صعبة: ففي حين يواجه الباحثون ضغوطا لإنتاج أعمال جديدة، غالبا ما تظل المهمة الأساسية المتمثلة في ضمان تأثير الأبحاث الموجودة في السياسات مفتقرة إلى التمويل والتقدير.

الأهمية العالمية

لا يمثل البحث التجريبي الذي تنتجه الاقتصادات النامية أهمية محلية وحسب، بل إنه يطرح كذلك رؤى وثيقة الصلة بالتحديات العالمية. فمن التكيف مع تغير المناخ إلى حل النزاعات، تتجلى القضايا العالمية الملحة أولا بكثافة في المناطق النامية.

وعلى سبيل المثال، يُفترض عادة أن القطاع المصرفي الرسمي هو السبيل الأمثل لتحقيق الشمول المالي. لكن الأبحاث التجريبية في الاقتصادات النامية كشفت أن مجموعات الادخار غير الرسمية والنقود المتداولة عبر الأجهزة المحمولة قد تكون أكثر كفاءة في بعض الأحيان في تلبية الاحتياجات المحلية. وبالمثل، ففي حين أن عديدا من السياسات التعليمية تركز على بناء مزيد من المدارس، أظهرت الأبحاث المحلية أن توفير الدراجات أو تحسين إمكانية الوصول إلى دورات المياه لأغراض النظافة في فترة الحيض يمكن أن يكونا في بعض السياقات أكثر فاعلية في تحسين معدلات الحضور الدراسي.

وهذه المعرفة المرتبطة بالسياق المحلي ضرورية لفاعلية السياسات. فعند تصميم السياسات استنادا إلى أدلة أولية مباشرة، تزداد فرص نجاحها. وعلاوة على ذلك، فإن الباحثين المحليين على صلة وثيقة بالمجتمعات والسياقات المحلية، ما يمكنهم من تكوين رؤى أعمق وأدق.

وإضافة إلى تحسين تصميم السياسات، يمكن للأبحاث التجريبية في الاقتصادات النامية أن تسهم في تطوير النظريات الاقتصادية. فهي تتيح لنا اختبار مدى عالمية المبادئ الاقتصادية والكشف عن آليات جديدة قد تكون أقل وضوحا في الاقتصادات المتقدمة. ويسهم هذا التنوع في الأدلة ووجهات النظر في تعزيز مجال الاقتصاد بأكمله وزيادة قوته وأهميته على المستوى العالمي.

خبيرات الاقتصاد

خبيرات الاقتصاد يمثلن نساء العالم، أي ما يقرب من نصف سكانه، ويغطي عملهن غالبا موضوعات وأفكارا مهمة غير مطروقة على مدار التاريخ. وفي مسيرتهن المهنية باعتبارهن خبيرات في الاقتصاد، يواجهن عوائق إضافية في التعامل مع القيود المؤسسية والتحديات الجنسانية.

فبدءا من فرصهن المحدودة في الوصول إلى التعليم العالي وأسواق العمل وانتهاءً بمتطلبات الموازنة بين العمل والأمومة، تواجه خبيرات الاقتصاد عقبات كبيرة في إنتاج الأبحاث المؤثرة والتنافسية في الوقت المناسب، والتي تغطي في الغالب موضوعات لها تأثير مباشر في حياة النساء وتؤدي إلى تحسين مستوى معيشتهن. وعديد من خبيرات الاقتصاد هن أيضا داعيات وناشطات يستخدمن التفكير الاقتصادي في الدعوة إلى عالم أكثر إنصافا -وهي قضية لا تنقضي أهميتها.

وتهدف مبادرة الرابطة الدولية للعلوم الاقتصادية بشأن المرأة في مناصب القيادة الاقتصادية إلى تعزيز أصوات خبيرات الاقتصاد ومساعدتهن في التغلب على بعض العوائق التي يواجهنها. ومنذ إطلاق المبادرة في عام 2023، دعم المشروع أبحاثا وسهَّل نشر مقالات عن مجموعة واسعة من الموضوعات والأفكار التي كان يتم إغفالها في الغالب.

وبدءا من التأثيرات المجتمعية للديون السيادية على كبار السن إلى آثار الحر الشديد على التعثر المالي للأعمال التجارية، تبرز هذه الأبحاث العمل المهم الذي تضطلع به خبيرات الاقتصاد في بلدانهن، وتسهم في صنع سردية اقتصادية عالمية أشمل. ومن خلال تسليط الضوء على هذه الأبحاث، تأمل المبادرة في أن تلهم مزيدا من الشابات بالسعي للانضمام إلى مسارات مهنية في مجالي الاقتصاد والسياسات العامة.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي