عين على الصين وأخرى على إيران

في ظل المشهد العالمي المتقلب، أصبحت التوترات السياسية والاقتصادية مع الصين وإيران عاملًا رئيسًا في تحديد مسار الاقتصاد العالمي ومستقبل قطاع الطاقة وأسعار النفط. من وجهة نظري، فإن فهم ديناميكيات هذه العلاقات أصبح أمرًا حتميًا لأي قراءة واقعية للمستقبل القريب.

مع الصين، تصاعدت التوترات التجارية والتقنية بشكل واضح، خصوصًا مع استمرار القيود الأمريكية على التكنولوجيا الصينية الحساسة وتنامي الحرب الباردة الاقتصادية بين القوتين. هذا التوتر يهدد تباطؤ نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ما ينعكس سلبًا على الطلب العالمي على السلع، خاصة الطاقة. في رأيي، أي تراجع في وتيرة النمو الصيني سيؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط والغاز والمعادن الأساسية، ما يضغط على الأسعار ويزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق.

أما إيران، فلا تزال العقوبات الأمريكية والأوروبية مفروضة عليها، إلى جانب تصاعد التوترات الإقليمية، خصوصًا في مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20% من صادرات النفط العالمية. أرى أن أي تصعيد عسكري أو سياسي مع إيران يمكن أن يهدد إمدادات الطاقة بشكل مباشر، ما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد وفوري في أسعار النفط. في المقابل، فإن أي اتفاق محتمل مع إيران قد يعيد تدفق النفط الإيراني إلى الأسواق، ما يزيد المعروض ويضغط على الأسعار نحو الانخفاض.

من وجهة نظري، فإن الاقتصاد العالمي يقف في منطقة حساسة؛ إذ إن استمرار التوترات مع الصين قد يؤدي إلى تباطؤ التجارة والاستثمار العالمي، بينما التصعيد مع إيران قد يؤدي إلى صدمات في جانب العرض النفطي. وهذا يوجد بيئة معقدة يصعب التنبؤ باتجاهاتها بدقة.

في قطاع الطاقة، تتزايد التحديات، حيث يصبح التخطيط للاستثمارات أكثر صعوبة في ظل عدم وضوح الرؤية المستقبلية. شركات النفط والغاز تواجه خيارات معقدة بين التوسع في ظل توقعات ارتفاع الأسعار بسبب المخاطر الجيوسياسية، أو التريث تحسبًا لتباطؤ عالمي قد يؤدي إلى تراجع الطلب.

أعتقد أن الدول الكبرى، وعلى رأسها السعودية، تؤدي دورًا محوريًا في تهدئة الأسواق عبر سياسات إنتاجية متوازنة للحفاظ على استقرار الإمدادات والأسعار. كما أن تنويع مصادر الطاقة عالميًا يمثل جزءًا من الاستجابة طويلة الأمد لهذه التوترات، إلا أن النفط يظل حتى الآن حجر الزاوية للأمن الطاقي العالمي.

في الختام، أرى أن العالم اليوم يسير بعينين مترقبتين: عين على الصين وأخرى على إيران، إذ إن مستقبل الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة أصبح مرهونًا بتحولات العلاقات مع هاتين القوتين المؤثرتين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي