المصدر و«المصدرجية»

المعلومة الصحيحة بضاعة الإعلام، يسعى فرسانه خلف الحصول عليها؛ فالمصداقية غالية الثمن ترسو على شواطئها سفن الكلام ويختفي صوت الضجيج لينكسر على صخرتها حصان من امتطى الجدل مركبا وسلما, يبقى الخبر اليقين هدفا ومرادا تزال به ظلمة الحيرة والقلق لدى محبي هذا النادي أو ذاك, ولا سبيل إليه سوى من المصدر الصادق الموثوق سواء كان صاحب الشأن أو من المقربين منه, فالأعناق ترتفع وتتجه نحو حامل لواء الحقيقة وتترك ما سواه أثناء السعي عن الحقيقة المجردة، ومن ثم تأتي مرحلة تشكيل رأي أو كشف حقيقة لم يكن يراد لها الظهور, ولذا فالبرامج الرياضية التي باتت هي المسيطر كونها تحظى بمتابعة جماهيرية يومية وكونت قاعدة جماهيرية امتلكت من خلالها القدرة على توجيه الشارع الرياضي بسلاح تقديم المعلومة والحديث عما جل ودق شأنه، والسعي الحثيث من خلال دقائق بثها بأن تكون هي نهاية فصول أي مسرحية رياضية والنهاية للكثير من قصص وأحداث وسط لا يتحدث فيه المتحدث الرسمي بشيء لأن الكيان الرياضي يعمل وفق سياسة الرأي الواحد فبات تنويع الضيوف على حسب الموضوع وعلى حسب مسار البرنامج ميزة للبعض يعطي كل قضية حقها ومسارها في المعرفة والحديث؛ فلا الوجوه تتكرر بالنقاش عن كل شيء وفي كل فن وأوجدت صورة بأن التخصص أصبح رمزاً للمهنية واحترام المتلقي بتنويع الضيوف على حسب تخصص كل منهم, وهذا يتطلب الكثير من التعب والجهد في الإعداد والوصول لأطراف كل قضية، إضافة إلى الأعباء المالية العالية لمثل هكذا نهج وطريقة, ولكن من نحت الصخر استطاع الوصول لبغيته ولو أراد الراحة لقلبها نقاشاً بيزنطياً يستعرض فيه كل ما يجري على الساحة تتقاسم الأدوار فيه وجوه مألوفة ومعروفة.
الشارع الرياضي مسؤول عن ارتفاع قيمة المصدرجية، الذين يعرفون بأنهم أصحاب الحظوة والقرب من مصدر القرار، فإما جليسا للرئيس وإما صديقا لمدير الكورة وإما وكيل أعمال، وفي الأخير صديق اللاعب النجم, فأخبارهم تتميز بسرعتها وتنوعها وبأنها تنبض بالمعلومة كل وقت.. عصرا أو في السحر فهم حاضرون ولا يتطلب الأمر سوى تغريدة كي يتم تناقل الخبر على نطاق واسع وكبير والمتابعون في ازدياد وتتبقى مهارة واستراتيجية استخدام هذا الصوت فناً يتقنه من يريد تمرير معلومة مغلوطة أو إثارة مشكلات في طرف آخر, ولذا تم خنق صوت الحقيقة وأصبحت الطقطقة أسلوباً جديداً وسوقا رائجة لتقديم صوت السخرية والصوت الأعلى في الجدل الرياضي من أجل إشعال الغيض وتكريس الكراهية بدلا من عرض الحقائق والأسباب التي من الممكن مناقشتها لتلافي أخطاء تتكرر كل حين، وهذا قفز على أسوار الفوز الأصيل الذي ميدانه أرض الملعب.
هل سنرى نظاما يحمي المصدر ويعطيه مكانته الصحيحة التي كفلتها له مهنية البعض من المقدمين والمعدين ويعاقب المصدرجية الذين يبيعون الوهم بطعم الخديعة والاستخفاف.
قبل الختام تحية إجلال وتقدير لمن قدم العمل كما طبيعته ولم يدغدغ المشاعر, نسمعكم ونستمع لكم؛ فمزيد من النجاح معناه مزيد من التثقيف والارتقاء بالذائقة والفكر لدى الشارع الرياضي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي