أمريكا الجديدة .. والطاقة المتجددة

تتفاوت الآراء حول التأثير المحتمل للوضع الرئاسي الجديد للبيت الأبيض، وتوجه الولايات المتحدة نحو نمو الطاقة المتجددة فيها، حيث يرى البعض أن تأثيره سيكون نوعا مختلفا، بينما يرى البعض الآخر أن تأثيره سيكون جيدا. وقد صرح الرئيس المنتخب الجديد بأن تغير المناخ ليس سوى خدعة، وأنه سيلغي هيئة حماية البيئة، وسيتخلى عن خطة الطاقة النظيفة الصادرة عنها، وأنه سينسحب من اتفاقية باريس وسيدعم الفحم والغاز الطبيعي، وهي المواقف التي دأب منذ ذلك الحين على تخفيفها إلى حد كبير. وعلى الرغم من تعهد الرئيس المنتخب بزيادة إنتاج الوقود الأحفوري، يرى أنصار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح - وعديد من الجمهوريين - أن السوق تفضل الطاقة النظيفة.
وبالتأكيد جاءت تصريحاته قبل الانتخابات عن الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة بعيدة كل البعد عن تصريحات هيلاري كلينتون في الصدد نفسه. ومن ثم فإن فوز هيلاري كان يبشر بخير كثير للطاقة المتجددة، في حين أن فوز منافسها لا يحمل البشرى نفسها. الكل يدرك ذلك وعد الرئيس المنتخب بإلغاء مليارات الدولارات التي تنفق على تغير المناخ. وعلى افتراض أن الاعتمادات المخصصة لمصادر الطاقة المتجددة لن تكون موجودة بعد عام 2020 فإن أسعار الغاز الطبيعي -التي ستتأثر أيضا بسياساته- ستكون عاملا أكثر أهمية. ووفقا لكثير من رجال الأعمال والمستثمرين فإن تأثير دونالد ترمب في تحرك صناعة مرافق الولايات المتحدة تجاه الطاقة النظيفة سيكون محدودا. حيث تسير شركات الطاقة الكبرى التي تستثمر مليارات الدولارات في محطات توليد الطاقة بالفعل قدما في تنفيذ خطط طويلة المدى لتوليد الكهرباء من المصادر المتجددة الأكثر نظافة والأقل تكلفة.
وبالطبع سيتحكم الوضع الجديد في بعض العوامل التي سيكون لها تأثير في الخطط المختلفة. فقد تعهد - على سبيل المثال– بوقف تنفيذ خطة الرئيس أوباما للطاقة النظيفة التي تلزم الولايات بالحد من الانبعاثات الصادرة عن محطات توليد الكهرباء. وقد تم بالفعل تعليق الخطة لحين صدور قرار المحكمة العليا في الولايات المتحدة، وليس من المقرر أن تصبح نافذة المفعول حتى عام 2022. ومن المستحيل معرفة السياسات التي سيتم تنفيذها على المستوى الوطني. أما الإعفاء الضريبي للاستثمار والإنتاج فيمكن أن يظل ساريا لأنه يصب في مصلحة عديد من الجمهوريين في الولايات التي تستفيد من هذا الإعفاء. ويبدو أن السياسات التي تصب في مصلحة صناعة النفط وتؤدي إلى إضعاف أو التخلي عن خطة الطاقة النظيفة هي الأوفر حظا مع الرئيس الفائز. وهناك طرق غير مباشرة يحتمل أن يعوق بها ترمب مسار الطاقة النظيفة. فقد اقترح خفض أسعار الضريبة على الشركات، وهو الأمر الذي يمكن أن يقلل من قوة فعالية الإعفاءات الضريبية الممنوحة لأنشطة طاقة الرياح والطاقة الشمسية. ومن المحتمل أن يخفض ترمب الإنفاق على البحث والتطوير لمختلف المشاريع. مثل هذه القرارات مضاف إليها قرارات مجلس الشيوخ قد تؤدي إلى استبعاد النظم البيئية، وقد تجعل الفحم أكثر قدرة على المنافسة.
ومن المرجح أن ينال بيان أمريكا الجديدة الذي صرح فيه بنيته خفض الأموال التي خصصتها إدارة أوباما لمكافحة تغير المناخ من مخصصات استثمارات البحوث في وزارة الطاقة، ولا سيما أن الرئيس ترمب عيّن مايك ماكينا المؤيد الكبير لشركات المرافق العامة والوقود الأحفوري لقيادة المرحلة الانتقالية في الوزارة.
ويفرض أكثر من نصف الولايات الأمريكية على شركات المرافق دمج الطاقة المتجددة في مزيج توليد الطاقة، بما في ذلك معاقل تقليدية للجمهوريين مثل تكساس وأريزونا، ومونتانا. وقد جعلت ولايتا كاليفورنيا ونيويورك من أهدافهما الحصول على نصف طاقتهما من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.
فعليا يبدو أن نمو مصادر الطاقة المتجددة سيستمر، ولكن بوتيرة أقل بكثير. حتى لو فقدت الطاقة المتجددة دعم البيت الأبيض، فإنها ستظل تحظى بشعبية في كثير من الهيئات المهمة في جميع أنحاء أمريكا. وسيحظى الرئيس الجديد بالفرصة لتعيين عضوين على الأقل من أعضاء اللجنة الفيدرالية لتنظيم الطاقة. وقد ألقى فوز ترمب غير المتوقع على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية بالشك على مستقبل إعفاء أنشطة الطاقة المتجددة من الضرائب الاتحادية، وهو الأمر الذي يعد حاسما بالنسبة لنمو هذه الصناعة في الولايات المتحدة. وتلقت أسهم الطاقة المتجددة ضربة موجعة على الفور عقب فوز ترمب في الانتخابات، ولكنها عادت للتعافي بشكل كبير منذ ذلك الحين. ويبدو أن المرشح الجمهوري في كثير من الأحيان سيصرح بأشياء، وبمجرد أن يجري بعض البحوث حولها سيظهر نوعا من التراجع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي