الجمعة, 11 أَبْريل 2025 | 12 شَوّال 1446


التقاضي آخر الحلول المناسبة

من يراقب سير العمل في المحاكم يجد أن اللجوء إلى التقاضي لم يعد خطوة يحرص المجتمع على تفاديها ممثلا في الأفراد والمؤسسات والشركات بل تحول إلى أول إجراء يقوم به أطراف العلاقات التعاقدية سواء كانت تجارية أو مدنية وهناك من يبادر إلى اتخاذ القرار باللجوء إلى القضاء تحسبا لما قد يبادر به الطرف الآخر وكأنه يفترض أن الطرف الآخر قد قرر التقاضي فيبادر لتسجيل موقف الطرف المتضرر أو المهضوم حقه.
ومع تزايد العبء في عدد القضايا والحاجة إلى زيادة في توظيف الكوادر القضائية والإدارية نجد أننا أمام حالة أو ظاهرة سلبية من جهة تساعد على نموها مجانية التقاضي، ولذا فإن التحكيم هو الاختيار الأفضل دائما في العلاقات التعاقدية. وهو اختيار لا مناص منه أمام زيادة العبء على المحاكم الذي يؤدي إلى السرعة في الفصل في المنازعات بما يؤثر في دقة الأحكام وتفويت الصلح الذي كان يقوم به القاضي إلى وقت قريب.
هناك تكامل في المنظومة القانونية السعودية وعلى الأخص تلك التي تتميز بالطابع الإجرائي، كما أن هناك تكاملا في تحديد جهات التقاضي ووجودا فعليا للجان وهيئات إدارية ذات اختصاص قضائي تؤدي دورها في الفصل فيما يعرض عليها من قضايا ونزاعات. كما أن عنصر الوقت الذي كان مبررا لهرب الخصوم من التحكيم فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن التحكيم أسرع من القضاء في الفصل في النزاع. ولكن في الواقع أن إهدار الوقت في التحكيم يمضي في اختيار المحكمين إضافة إلى الإجراءات الطويلة لتحرير وثيقة التحكيم واعتمادها.
أما موضوع التخصص فإنه يمكن اختيار أهل الاختصاص بالنظر إلى مؤهلاتهم وخبراتهم وما عرف عنهم من الاستقلال والحياد في العمل القضائي كما أن وجود مراكز للتحكيم وما تقدمه الغرف التجارية من خدمات إدارية وتوفير الدعم يساعد على التسويق للتحكيم، وفي ذلك ضمان لحيادية المراكز وسلامة أعمالها.
وللصلح دور لا يقل أهمية عن التحكيم وقليل من يقوم اليوم بدور الإصلاح بين المتخاصمين ومع أن عرض الصلح بين الأطراف من مهام القاضي بالدرجة الأولى إلا أن ذلك لم يعد يتم عمليا وهو ما يفرض مناقشة أسباب عزوف القضاة عن العمل على إنهاء الخصومات وديا قدر الإمكان.
إن الصلح بين الأطراف المتنازعة لا يحتاج إلى تخصيص مكاتب وموظفين وميزانية وتكاليف تشكل عبئا على المحاكم ولكن من الأفضل أن يكون إجراء من إجراءات التقاضي التي تصاحب نظر القضية من بدايتها وحتى نهايتها، فكثير من النزاعات هي مواقف شخصية أكثر منها حقوقا ثابتة كما أن الوصول إلى حلول وسط غالبا يرضي الأطراف ويحقق اختصار الإجراءات اللازمة لإنهاء النزاعات وديا قدر الإمكان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي