هل هو عجز من أبنائنا أم عجز في خططنا؟

[email protected]

نشرت صحيفة "الحياة" بتاريخ 19/4/2008 خبرا كشف فيه جودرن جريليش نائب رئيس مجلس إدارة شركة إنتل العالمية أن عدم توافر الخبرات الكافية وراء عدم إنشاء الشركة مصنعاً لها في السعودية. حقيقة هذا الخبر يدعو للتساؤل والتفكير، كيف خسرنا مصنعا يسهم في نقل التكنولوجيا إلى بلدنا؟ لماذا لا تتوافر الخبرات الكافية في مجال التقنية لدينا؟ هل عجز أبناؤنا أم عجزت خططنا عن إدراك أي مجالات العلم أكثر حاجة من غيرها؟
إن أشد ما أتعجب له أن تلتحق أعدادا كبيرة في كل عام بالكليات النظرية وتتخرج فيها وهي تعلم سلفا أن معظم من سبقهم بسنوات لم يجدوا وظائف يعملون فيها بعد التخرج، إذا لماذا كل هذا الإصرار والجهد الذي لا طائل منه سوى خيبة الأمل والإحباط؟ ألا يستوجب الأمر إعادة النظر في هذا التوجه ووقف هدر الجهد والمال؟ هذا لا يعني أن الكل يجب أن يعزف عن دراسة العلوم النظرية، بل يكون بقدر الحاجة.
قد يتساءل أحد ويقول: وكيف لي أن أعرف مقدار الحاجة التي يتحقق بها الاكتفاء في سوق العمل؟ وللإجابة عن هذا التساؤل هناك طريقتان للحصول على المعلومات التي تمكن الطالب من اختيار التخصص الدراسي الذي يناسبه ويتوافق مع متطلبات سوق العمل، الطريقة الأولى الاطلاع على تقارير مسح الأجور التي تعدها الشركات الاستشارية المتخصصة في الموارد البشرية، وتتصف هذه الطريقة بأنها دقيقة يستطيع من خلالها الشخص أن يتعرف على أكثر الوظائف طلبا في سوق العمل ومستوى الأجور التي تحظى بها في الوقت الراهن أو مستقبلا، لكنها قد لا تتيسر للكل لأنها غير مجانية، ولكن بعض هذه الشركات تنشر مقتطفات من تقاريرها في مواقعها الإلكترونية أو في وسائل الإعلام، والطريقة الثانية اجتهادية يمكن أن يقوم بها الشخص بنفسه كمتابعة إعلانات التوظيف في الصحف المحلية، وتحديد أي المجالات أكثر طلبا للتوظيف، وكذلك البحث في مواقع التوظيف الإلكترونية، فقد كثرت شركات الوساطة المتخصصة في التوظيف مثل bayt.com، وغيرها من الشركات التي يتم الإعلان في مواقعها عن الوظائف المرغوب التوظيف فيها. كما أن الشركات الكبيرة تعرض احتياجاتها للتوظيف في مواقعها الإلكترونية ومعارض يوم المهنة التي يقوم كثير من الجامعات والكليات في تنظيمها سنويا لتمكن طلابها من التعرف على الجهات الراغبة في التوظيف والوظائف المتاحة في سوق العمل.
إنني على ثقة لو أن كل طالب قبل أن يحدد التخصص الذي سيدرسه قام ببذل مجهود بسيط للتعرف على احتياجات سوق العمل بإحدى الطريقتين اللتين ذكرتهما، لن يقدم على مغامرة غير محسوبة يضيع فيها مجهود أربع سنوات دراسية دون فائدة، ليوفر على نفسه كل هذا العناء باختيار التخصص المطلوب في سوق العمل، وبالتالي لن نجد شركة كبيرة مثل شركة إنتل العالمية تقرر عدم إمكانية بناء مصنع لها في المملكة لعدم توافر الخبرات التقنية، فخسر شباب الوطن فرصة العمل في مثل هذه الشركات الكبيرة، وخسرنا نحن فرصة انتقال وتوطين التقنية المتقدمة في بلدنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي