مسؤولية قرار عملية التجميل
في السنوات القليلة الأخيرة برزت ظاهرة التجميل وعياداته، وارتفعت نسبة خضوع النساء من كل الأعمار للتجميل غير الضروري وبشكل أراه تجاوز المعقول، فتشابهت وجوه النساء بسبب الجري الحثيث خلف الجمال الصناعي المؤقت. الغريب في الأمر أنه حتى الأخطاء التجميلية تشابهت لكنها لم تكن رادعا ولا حادا من هذا الجري اللاهث خلف الكمال. معايير الجمال متغيرة لكنها نسبية وواضحة ولا يختلف عليها اثنان بأنها تكمن في البساطة وعدم التكلف، وفي الخلقة الطبيعية غير المزيفة.
حديثي هنا ليس عن تصحيح العيوب الخلقية والجراحات التي تحتاج إليها المرأة طبيا ـــ حتى لو كانت تجميلية ـــ والتي يقررها طبيب ثقة، إنما عن الجراحات التجميلية والتدخلات الطبية لتحسين ما هو حسن في الأصل، كحقن النظارة المزيفة، وحقن التعبئة للوجه والجسم، أجهزة وأسماء وتقنيات متعددة ومتجددة كلها تهدف إلى الربح المادي فقط والنتائج معظمها تأتي مع الاستمرار والانتظام على حد قول الطبيب المتاجر، طمعا في تخدير المراجعة وتطمينها وضمان استمرارها عندما لا ترى النتائج التي جاءت لأجلها. الأمر المقلق أن كثيرا من الخاضعات لتلك التدخلات الطبية يجهلن تماما المواد التي يتم حقنها في أجسادهن وإلى أي مدى تصل أضرارها الجانبية، ويتهاون تماما في اختبارات الحساسية الكافية قبل استخدام تلك المواد بزعم أنهن لسن الوحيدات المستخدمات لتلك المواد، ويجهلن مدى كفاءة ومهنية الطبيب، إلا ما سمعن أو رأين من نتائج على مثيلاتهن، كما لا يعنيهن مشروعية المكان ولا توفر شروط السلامة فيه في حالات الطوارئ والمضاعفات غير المتوقعة.
يجب أن تكون الرقابة مشددة من الجهات المعنية، رقابة على المواد وعلى الممارسين الصحيين وتصاريح المراكز وشهادات الأطباء، مع تحديد سن معينة يسمح بعدها للفتاة بالخضوع لتلك التدخلات وتلك المواد. كثيرات يرين أن هذا شأن خاص وليس للرأي العام فيه كلمة، لكن الواقع والحقائق تفرض غير ذلك، فبشاعة نتائج بعض التدخلات التجميلية، والأخطاء الطبية فيها تحتم وجوب التوعية بشأنها والعمل على رفع مستوى نظرة المرأة العصرية لذاتها بعمق وثقة أكبر.