فضيلة الستر

 "رح الله يستر عليك"، جملة يقولها الإنسان لمن قدم له معروفا أو أسهم في صرف سوء عنه.. فالستر خلق حميد حث عليه الدين حماية للفرد والمجتمع، ودعما وتثبيتا للأخلاق التي لا تقوم المجتمعات وتتميز إلا بتوافرها.. الله - سبحانه وتعالى - يقول في كتابه الكريم "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، فتتبع عورات المسلمين وهتك أستارهم، إشاعة للفاحشة ولا شك.. إن كلمة الستر يقابلها كلمة الفضيحة بما فيها من قبح وإساءة.. إن الستر مطلوب، سواء من الفرد المخطئ أو من الآخرين ممن يبلغهم خطأه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح، "لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة".. ثم من ذا الذي لا يخطئ ولا يذنب؟ إن نشر أي خبر أو صورة أو مقطع يصلك عن طريق إحدى وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وفيه هتك لستر مسلم أو إشاعة عنه، يعد إشاعة للفساد وعقوبته شديدة في الدنيا والآخرة.. إنك لتعجب أشد العجب ممن يفرح عندما يسمع أو يرى خبرا سيئا حول شخص ما، بل يسارع إلى نشر ذلك الخبر عبر مختلف الوسائل ليصل إلى الملايين في وقت قصير، وما علم أنه بهذا يسهم في هز قواعد المجتمع والإساءة البالغة لا إلى الشخص الذي يدور حوله الخبر فحسب، بل إلى المجتمع بأسره.. إن أصحاب النفوس المريضة هم أولئك الشغوفون بسماع العيوب وتتبع السقطات ونشر الإساءات والطعن في الآخرين، في حين أن ديننا الحنيف يحث على تجاوز العثرات والتغاضي عن الهفوات والعفو عن الزلات.. إن الساتر لعيوب الناس وزلاتهم ليجد في نفسه سعادة وأنسا وسرورا.. فالستر علاج اجتماعي جميل تختفي على أثره كثير من أمراض المجتمع، ويقود إلى انتشار المحبة والتعاطف بين أفراده.. ويكفي الستر فخرا ورفعة ومكانة أنه مشتق من اسم الله الستير، فالله سبحانه ستير يحب الستر.. إن الستر يحقق نشر الحب والألفة والمودة بين أفراد المجتمع كما أن ضده يجرئ الآخرين على الخطأ، وقد يدفع المخطئ إلى التمادي في خطئه.. كما أن الساتر يستره الله في الدنيا والآخرة. وأخيرا، هل يحب هاتك الستر أن يهتك الله ستره ويفضحه بين خلقه فالجزاء من جنس العمل.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي