هل الأثرياء يزدادون ثراء؟
هناك شعور عام بأن الأغنياء لا يعانون مشاكل مادية والسبب ببساطة لأنهم أغنياء. وأنا هنا لن أناقش جوانب اجتماعية وثقافية للثراء كالسؤال الدائم طرحه (هل الأغنياء سعيدون؟). فهناك كثير من الدراسات والأبحاث طرقت هذا الموضوع وأثبتت أن الأغنياء غير سعيدين. وهي كلها - على فكرة - دراسات "ما عندها سالفة". لأن الذي قام عليها باحثون فقراء! فالأغنياء مبسوطون آخر انبساط.
أنا هنا لأناقش مشكلة الأغنياء من ناحية مالية. بمعنى آخر (هل الأثرياء يزدادون ثراء؟). أولا هناك قاعدة تقول إن (المليون الأول هو الأصعب) وإن (الريال يدوّر صاحبه). وكلمة "صاحبه" هنا من الممكن أن تعود على الغني لأنه صاحب الريال. أو من الممكن أن تعود على الريال الآخر الذي يعيش في جيب الثري لأن الريال لا يريد أن يبقى وحيدا في جيب الفقير. المهم هنا أن القاعدة تقول الفلوس تجيب الفلوس. وعلى الرغم من أن هذا الكلام صحيح لكن هناك أكثر من قضية يجدر طرحها:
أولا: يعاني الأغنياء صعوبة إدارة حجم كبير من الاستثمارات. فإذا بدأ الإنسان بمشروع صغير أو مصنع أو شركة نجد أن نسبة النمو تكون عالية في البدايات وتخف وتيرتها مع الزمن. وتحقيق 10 في المائة على مائة ألف ريال أسهل من تحقيقها على مائة مليون. وحتى بوجود عدد كبير من المحللين ومديري الاستثمارات لديه يعاني الغني تقلص الفرص بالنسبة إلى حجم استثماره كلما زادت ثروته. ولذا كثيرا ما تقف الثروات إلى حدود معينة.
ثانيا التضخم: حين تعلن نسبة تضخم 3 في المائة وتشعر بأن التضخم الفعلي أكثر من تلك النسبة وأن البضائع والخدمات التي تشتريها نمت بتسارع أكبر فربما أستطيع أن أقول مبروك أنت من طبقة الأثرياء. فإن لم تكن من الأثرياء فأنصحك بأن تتوقف عن شراء بضائعهم! والسبب أن أرقام التضخم المعلنة هي أرقام السلع والخدمات بشكل عام. أما الأنواع الفاخرة منها فلها شأن مختلف. مجلة "فوربس" تطلق مؤشرا اسمه مؤشر العيش المرفه وهو يضيف إلى أسعار الخبز ومشروب الصودا بضائع مثل ساعات رولكس واليخوت الفارهة. فبينما كان التضخم في الولايات المتحدة للعام الماضي قرابة 3 في المائة ارتفع سعر العشاء الفاخر20 في المائة بينما ارتفعت تكلفة عمليات شد الوجه 17في المائة. ولذا فعلى الأثرياء - حتى لا تتضاءل ثروتهم - أن يستثمروا بعائد أعلى من سندات الحكومة أو يعيشوا عيشة موظفي الحكومة!
ثالثا:ً تفتح البنوك أذرعتها للأغنياء بينما لا تفتح للفقراء إلا فمها بالصراخ! ولذلك يتوسع الغني في الاقتراض. ولا شك أن هذا يساعده على زيادة ثروته. ولكن في حال وجود أزمة كالأزمة التي نمر بها اليوم فإن الخسارة تتضاعف. ويضطر عند حد معين أن يبدأ بتسييل استثماراته في وقت انعدام الطلب وانخفاض الأسعار مما يفاقم مشكلته. ويقلل ثروته بشكل أكبر.
طبعا ما سبق هو جزء من معاناة الأغنياء. وهي معاناة ندعو الله ألا يحرمنا منها.