مواقع التعاملات الحكومية الإلكترونية وأهم الخصائص
طرحنا في مقالات سابقة موضوع التعاملات الحكومية الإلكترونية، وأوضحنا أسباب تعثر بعض منها وعدم موثوقية أو اكتمال نجاح البعض الآخر. كما بيّنا أن هناك ستة عوامل رئيسة لبناء هذه التعاملات والاستفادة منها على أفضل وجه مُمكن. وقد شملت هذه العوامل: وضع استراتيجية لهذه التعاملات، وتحديد إطار مُتكامل لتنظيم شؤونها، وتوزيع المسؤوليات بشأنها، والاهتمام بالبنية التقنية الأساسية التي تسمح بتنفيذها، والعناية بثقافة الإنسان المستفيد منها، وصولاً إلى العامل النهائي الحاسم، ألا وهو توفير المواقع الإلكترونية التي يتم تنفيذ هذه التعاملات بشكل مُباشر من خلالها.
وتعتمد كفاءة التعاملات الحكومية الإلكترونية على جميع العوامل الستة سابقة الذكر، لكن اعتمادها المباشر يرتبط بشكل رئيس بخصائص مواقع تنفيذ هذه التعاملات. وهُناك توصيات دولية، بشأن هذه الخصائص، صادرة عن "قسم الاقتصاد والشؤون الاجتماعية في مُنظمة الأمم المُتحدة UNDESA". وسوف نتحدث هنا عن هذه الخصائص، فمن حق القارئ الكريم أو المهتم أن يتعرف عليها كي يفهم ما هو مُتوقع من خدمات ويعمل على الاستفادة منها، خصوصاً وأنه هدف خدمات هذه التعاملات الذي يَحكم على مدى نجاحها، ويُحدد مُتطلبات تطويرها في المُستقبل.
طبقاً للتوصيات الدولية، هُناك أربع خصائص رئيسة مطلوبة في مواقع التعاملات الحكومية الإلكترونية. وتتدرج هذه الخصائص بشكل منطقي مُتسلسل ابتداءً من توفير المعلومات وانتهاءً بمُشاركة المستفيدين. فأُولى هذه الخصائص تقضي "بتوفير بنية مُناسبة للخدمات المعلوماتية الحكومية"، بما في ذلك المعلومات التي يحتاجها المُستفيد. أما الخاصية الثانية فتهتم "بمسألة "النفاذ إلى هذه البنية". وتُركز الخاصية الثالثة على "عملية تقديم الخدمات". وتعمل الخاصية الرابعة على "تفعيل مُشاركة المستفيدين". وسوف نتحدث عن كُل من هذه الخصائص فيما يلي.
يتضمن "توفير بنية مُناسبة للخدمات المعلوماتية الحكومية" وجود مجموعة من المواقع الحكومية المُتعددة بتعدد أنواع الخدمات المُعطاة. وفي هذا المجال، يجب أن يستطيع المستخدم الوصول مُباشرة إلى الموقع الذي يريده من خلال معرفته بعنوانه؛ ويجب، في ذات الوقت، توفير بوابة إلكترونية حكومية واحدة على الإنترنت، يُمكن منها التفرع إلى جميع المواقع والخدمات الأخرى. وتتضمن المواقع الحكومية الرئيسة المطلوبة: موقع لرأس الدولة وصاحب السلطة العليا فيها، ومواقع خدمات التعليم والمالية والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية وغيرها. ويجب أن تشمل المعلومات التي تُقدمها هذه المواقع: معلومات أساسية مثل الأنظمة الحكومية ووثائق السياسات والأوليات؛ ومعلومات تحديثية تُعطي أخبار التعديلات الجارية في المعلومات الأساسية وتُبين التطورات والمُنجزات المُختلفة؛ ثُم معلومات حول الموقع والخدمات التي يُقدمها ومُتطلبات وكيفية تنفيذها.
ونأتي إلى الخاصية الثانية من خصائص المواقع الحكومية، وهي خاصية "النفاذ إلى بنية الخدمات المعلوماتية الحكومية". هذا النفاذ يجب أن يكون متوافراً عبر الشبكات سلكياً و لاسلكياً، وأن يتضمن وسائل لحماية أمن المعلومات والتعاملات، بما في ذلك وسيلة التوقيع الإلكتروني لتوثيق التعاملات المُختلفة. ويجب أن يسمح أيضاً بالتعاملات المالية بما في ذلك دفع الرسوم واسترداد المستحقات إلكترونياً عبر المصارف والحسابات ذات العلاقة.
وننتقل إلى "عملية تقديم الخدمات". ففي هذا المجال يجب توفير الاستمارات اللازمة للتعاملات المُختلفة، وإمكان إملاء مُتطلباتها وتقديمها إلكترونياً، أو ربما طباعتها وتقديمها يدوياً عند الحاجة. ويجب هنا أيضاً وضع قوائم بالخدمات والإجراءات وتمكين المستخدم من تفعيلها ومُتابعتها، إضافة إلى تحديد الفترة التي تُقدم خلالها الردود الحكومية المطلوبة إلى أصحاب العلاقة.
ونصل أخيراً إلى خاصية "تفعيل مُشاركة المستفيدين". ففي هذا المجال يجب توفير وسائل لهذه المشاركة. وتشمل هذه الوسائل: الاستفتاءات ووسائل الدراسات الحقلية التي تُبين آراء المُستفيدين ومُقترحاتهم؛ وكذلك المدونات التي تسمح لهم بالتعبير وبيان الرأي؛ ومُنتديات المُناقشة؛ وغير ذلك. ويجب هنا توفير أرشيف للقضايا الأساسية التي يطرحها المستفيدون، مع بيان مدى تكرار هذا الطرح، إضافة إلى تقديم الردود الحكومية على التساؤلات والمُقترحات المُختلفة. ولاشك أن هذه الخاصية توفر للحكومة نافذة على مشاكل المستفيدين من أجل العمل على الاستجابة لها والسعي إلى حلها.
إن توفير مواقع فعّالة للتعاملات الحكومية الإلكترونية ضرورة للحكومات الطامحة إلى التقدم تُعزز العلاقة بينها وبين مواطنيها والآخرين المُتعاملين معها؛ وتزيد كفاءة هذه العلاقة وتجعلها أكثر شفافية وقابلية للتطور والتطوير نحو الأفضل.