صندوق التنمية العقاري بين 200 مليار ريال و500 ألف ريال.. هل هذا كاف ؟

أقر مجلس الشورى في الأسبوع قبل الماضي عدة توصيات تخص صندوق التنمية العقاري من أهمها رفع رأسمال صندوق التنمية العقاري إلى مبلغ 200 مليار ريال ورفع مبلغ الإقراض المخصص لبناء المسكن إلى 500 ألف ريال والتي كانت مصدرا لإشعال الجدل بين المستفيدين من هذا القرض وبعض مسئولي صندوق التنمية ولكن ليس المهم ما يدور بينهم من نقاش ولكن الأهم هل ستحل تلك المبالغ التي تعتبر تاريخية في حجمها، أزمة السكن في السعودية؟أعتقد عزيزي القارئ أن الحل لن يكون بهذه السهولة في ظل عدم الوعي الموجود لدى الشريحة المستهدفة للحل فمع الأسف الشديد إن معظم الشباب السعودي سينظر لهذا المبلغ على أنه مخصص له وأن مشكلة السكن الخاص به لم تعد تخصه بل هي من اختصاص الدولة التي يعتقد أن من واجبها أن تحلها له وبالتالي سيبدأ في تبديد دخله الشهري في أمور غير أساسية دون الاكتراث بمدى ضرورة تنظيم دخله وتحديد أولوياته وهذا مع الأسف حال الشريحة الكبيرة من شبابنا وعلى الطرف الآخر تجد أن أكثر من استفاد أو سيستفيد من هذا القرض سيعتبره حقاً من حقوقه ولا يترتب عليه أي التزام لرده ولا يفكر في ترتيب تسديده حيث جرت العادة كغيره أن يماطل في تسديده إن لم يتوقف تماماً لأنه يعتبره حقا مشروعا له مفروضا على الدولة والمشكلة الكبرى أن معظم المتضررين يعتقدون أن مبلغ القرض يجب أن يغطي قيمة البناء والأرض معاً وهذا خطأ فيفترض على المقترض أن يملك أرضا ليبني عليها بيتاً بالمبلغ ومعظمهم لا يملكون أرضاً ولا يفكرون حتى في شراء أرض.
بالطبع كل تلك الأمور ستكون عائقاً كبيراً أمام نجاح تلك المبالغ التي رصدت لحل أزمة السكن وإن لم يتم تنظيم العمل ستتبخر تلك المبالغ بين متواكل ومماطل ولن تكون تلك الخطوة قد ساعدت في حل المشكلة التي بدأت تتفاقم.
وقبل أن نتكلم عن حل لتلك الأزمة بالاستفادة من هذا المبلغ يجب أن نفهم أن أي قرار تقوم به أي دولة لحل أزمة معينة يكون في العادة مساهمة فقط ويستحيل أن تقوم دولة مهما كانت غنية بحل معضلة بهذا الحجم من دون تكاتف المتضررين كما أن تعاون أفراد الشعب مع تلك المساهمات يعتبر أساسياً لحل أزمة بهذا هذا الحجم.
ومن وجهة نظري الشخصية، إن الحل يجب أن يكون في ثلاث طرق ليكون هذا المبلغ مؤثراً ومفيداً في حل تلك الأزمة وهي:
1. الاستفادة من خبرة البنوك المحلية في إقراض السكن والتي نجحت في تحصيل مبالغ قروضها ولا مانع من أن يتم عمل آلية لتمويل الأفراد عن طريق تلك البنوك دون فوائد وذلك لضمان رد المبلغ المقترض ليستفيد منها أشخاص آخرون.
2. عمل حملة توعوية بضرورة الاقتصاد وأن تكون هناك ثقافة هرم الأولويات لدى الشباب بالشكل الصحيح ونبذ التبذير وصرف ما ليس ضرورياً كما تبين الحملة دور المواطن في حل تلك الأزمة.
3. الاستعانة بمطورين عقاريين دوليين ومحليين لبناء مشاريع عقارية إسكانية بأحجام مختلفة وعلى أراض حكومية وأنا متأكد أن سعر الوحدة لن يتجاوز 500 ألف ريال بالمتوسط وبالتالي سيستفيد المتضرر مباشرة من القرض ولن تكون عليه أي التزامات إضافية تخص بند السكن.
وهنا أشدد على أن حل الأزمة لن يكون مبلغاً مادياً يتم دفعه للمواطن لأن عدد المواطنين في السعودية يفوق 17 مليون نسمة و 75 في المائة منهم لا يملكون سكناً وبالتالي إن حجم الذين يحتاجون منهم إلى سكن بفرض أن كل أربعة سيسكنون منزلا واحدا كمعدل نجد أننا في حاجة إلى أكثر من ثلاثة ملايين مسكن وهذا عدد ضخم لا يمكن حله من قبل الدولة فقط دون تعاون المواطن معها بتخصيص جزء كبير من دخله للسكن حيث تشير التقارير العالمية التي أطلقتها منظمة الإسكان التابعة لهيئة الأمم المتحدة أن نسبة 60 إلى 70 في المائة من دخل الشعوب مخصص لتملك السكن الخاص فهل نحن نخصص هذه النسبة للسكن أم لمصاريف أخرى؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي