المقال العقاري (الجمهور عايز كده)

أثار سؤال أحد الأصدقاء لي عن مدى تقبل القراء والمهتمين بالسوق العقاري لمقالتي قضية مثيرة جعلتني أخصص لها مقالا خاصا.
فبالفعل عزيزي القارئ إن طبيعة النفس البشرية غالبة بشكل واضح حتى على متابعي السوق العقاري السعودي فهناك أمور تثيرهم بالكلية وهناك أمور لا يهتمون بها وهناك أمور تسعدهم وتجعلهم يوافقونك الرأي على الإجماع بغض النظر عما لو كانت تلك الطروحات واقعية أو مكذوبة، المهم فقط أن تلبي توجه وطموح الأغلبية وينطبق عليه مقولة (الجمهور عايز كده).
فعلى سبيل المثال لو صدر أي تقرير عن السوق العقاري حالياً وخلص التقرير إلى توقعات متفائلة حوله سيختلف معه جميع القراء والمتابعين بل وحتى المستهلك البسيط، فأي تفاؤل أو مدح للسوق العقاري يعني لهم زيادة متوقعة في قيمة العقار أو طمع أكثر وأكثر لملاك العقارات أو يعتقدون أن تلك التقارير مدفوعة أو مأجورة من قبل عقاريين منتفعين من تلك التقارير وبالتالي ستجد أن الغالبية ستهاجمك بشدة بل وقد يتهمونك بأنك غير عقلاني مهما كان رأيك مبنيا على علمية قوية وواقعية, وفي المقابل لو كتب أي شخص حتى لو لم يكن عقارياً أن وضع السوق العقاري سيئ أو الأسعار متوجهة للهبوط لأيده كثير من المتابعين بل وسيعتبرونه عقلانياً وصاحب رؤية ثاقبة حتى لو كان قد بنى رأيه على أسس غير علمية لأن تلك التصريحات من وجهة نظرهم ستؤدي إلى هبوط حاد في أسعار العقارات, أما لو تمت كتابة آراء تخص تنظيم السوق العقاري فلن يهتم أحد بقراءتها، لا أدري لماذا؟ هل لأنهم لا يحبون من ينظم هذا القطاع أم لأنهم يعتقدون أن التنظيم أمر غير مهم.
وهناك عزيزي القارئ طريقة أقيس بها ردود القراء وهي من موقع الجريدة على الإنترنت تبين عدد القراء والردود إضافة إلى رسائل بالبريد الإلكتروني تصلني من بعضهم.
ومن المواقف الطريفة التي حصلت معي شخصيا مع بعض القراء، أنني كتبت في أحد المقالات عن مشكلة تخص تمويل المشاريع العقارية التي ستخلق بسبب نقصها فجوة كبيرة بين العرض والطلب وفي حال لم تحل تلك المشكلة ستؤدي نتائجها إلى زيادة في الطلب وقلة في العرض وبالتالي زيادة في أقيام العقارات وقد بنيت تلك التوقعات على تقارير عالمية ومحلية ذات مصداقية, وكانت التعليقات على مقالي قاسية نوعاً ما ولكن الطريف أن أحد الردود كان لشخص قال إن هذا الكلام غير صحيح وإن هناك عددا هائلا من المنازل معروضة ولا يوجد لها أي مشتر وأنه يعتقد أن هذا العدد الهائل من المنازل المعروضة ستهوي بالأسعار وقام عدد لا بأس به بتأييد هذا الرأي لدرجة أن بعضهم اعتبره فارساً والآخر اعتبره عبقرياً والآخر اعتبره صاحب رؤية ثاقبة ووصفوه بنصير المستهلك ولكن بعد أن قمت بتحليل رد هذا المذكور تفاجأت بأنه لا يقصد سوق السعودية و يقصد برده سوق دولة خليجية أخرى وكان يظن الكاتب أنني أكتب عن سوقهم العقاري وأرسل لي رسالة عبر الإيميل يعتذر عن ذلك الخطأ.
كم أتمنى أن يعي القارئ أنه ليس المقصود دائماً بعبارات تحسن أداء سوق ما أن أسعاره سترتفع كما أن الدعوة لحل أي مشكلة عقارية ليس المقصود بها طمع الكاتب للحصول على سعر أعلى لعقاره بل أحياناً يكون الإصلاح من مصلحة التاجر والمستهلك على حد سواء فالتاجر العقاري لا يسعى إلى ارتفاع قيمة العقار كما يعتقد البعض لأن هذا الارتفاع سيضر عمله مستقبلاَ.
* عضو اللجنة الفرعية العقارية في الغرفة التجارية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي