فرض ضرائب على الأراضي البيضاء هل هو حل؟

كثرت الآراء المطالبة بفرض ضرائب على الأراضي البيضاء، معللين طلبهم بأنه الطريقة التي ستخفض بها أسعار العقارات، كما أن الكثيرين ذهبوا إلى وجوب تطبيق هذا النظام وشبهه بجباية الزكاة، كما شدد الجميع على أن تطبيق هذا النظام سيكون السبب في أن تهوي أسعار العقارات السكنية ويتمكن الفرد من شراء منزل بأقل الأسعار وأنه الطريقة التي ستكبح جماح التضخم في أسعار الأراضي.
والسؤال: هل تطبيق هذا النظام على الأراضي البيضاء سيخفض أسعار العقارات السكنية كما ادعى البعض؟ وهل واجب جباية الزكاة على تلك الأراضي في الإسلام؟
للجواب عن هذين السؤالين يجب أن ندرس مدى ارتباط أسعار الأراضي البيضاء بقيمة الوحدات السكنية وهل هناك ارتباط فعلي بينهما والجواب عن السؤال الأول يكون بتحليل عدة أمور جوهرية من أهمها :
1. معظم الأراضي البيضاء أو الخام تقع في مناطق غير قابلة للسكن.
2. أسعار الأراضي هوت قيمتها إلى أكثر من 20 في المائة وقل الطلب عليها بعد الأزمة بشكل كبير ولم تهو أسعار الوحدات السكنية، بل زادت أسعارها أخيرا، كما أن المطلع على السوق العقاري يعلم أن هناك عددا ضخما جداً من العروض على الأراضي الخام يفوق الطلب وبأسعار أقل مما شريت به.
3. الأراضي الخام ليست سلعة سهلة البيع ليتخلص منها مالكها حتى لو عرضها بأقل من نصف قيمتها.
4. عندما بدأت طفرة الأراضي الخام وارتفعت أسعارها لم ترتفع الوحدات السكنية بالنسبة نفسها في بداية 2000.
5. الأراضي البيضاء أسعارها تعد متدنية جداً مقارنة بأسعار الأراضي الخام في جميع الدول العربية.
6. فرض أي غرامة أو ضرائب على الأراضي الخام سيصطدم بعدد هائل من أراضي مساهمات متعثرة وأراضي ورثة لا يمكن بيعها، كما أن كثيرا من ملاك تلك الأراضي الخام لا يملكون السيولة الكافية لسداد تلك الضريبة ويرغبون في بيعها أصلاً ولم يتمكنوا بسبب عدم وجود مشتر لأراضيهم فمن أين سيدفعون تلك الغرامات؟
7. إن كان المقصود من تلك الضرائب تجار العقارات الذين يضاربون بأسعار أراضيهم فلن يضرهم دفع ضريبة على أراضيهم سنوياً، فأرباحهم تفوق تلك الضرائب بكثير.
8. لم ينجح تطبيق الضرائب على الأراضي الخام في أي دولة في العالم، إذ إن تطبيق ذلك النظام سيكون أثره وخيما على الاقتصاد العام وسيدخل القطاع العقاري في دوامة ركود طويلة لا يحمد عقباها وجميع الضرائب تطبق في تلك الدول على العقارات القائمة، مثل المباني التجارية والسكنية.
وهناك أمور سيئة عدة قد لا تحضرني أو قد تغيب عن مقرر تلك الغرامة والتي أعتقد بكل ثقة عدم جدوى تطبيقها، ناهيك عن مدى أثرها السلبي في الاقتصاد بشكل عام.
وأما عن مدى وجوب فرضها في الإسلام، فالجواب هو أن جميع الأئمة الأربعة لم يختلفوا في عدم أحقية الزكاة على الأراضي غير المعروضة للتجارة ووجوب دفع الزكاة جاء فقط في عروض البيع ويمكن بكل سهولة التأكد من هذا الموضوع بسؤال أهل العلم فليس من الجائز أن يفتي أي شخص بوجوب دفع الزكاة لأراض ليست معروضة للبيع ويعارض عموم العلماء.
علينا عزيزي القارئ ألا ننساق وراء العواطف فجميعنا يرغب في أن يعم الرخاء وتنخفض الأسعار ولكن جعل الله لنا عقلا لنفكر به ونخرج بطرق علمية لحل أي مشكله لا بأن نخرج بحلول خاطئة ونحاول أن نقنع أنفسنا بأنها هي الحل الوحيد ونترك الحل العلمي لتلك المشكلة وهو عدم توافر مشاريع عقارية للإسكان بسبب مجموعة من المشاكل التي تواجه المطورين، من أهمها التمويل لتنفيذ مشاريعهم ومجموعة من العقبات الأخرى وتوافر حلول لتلك المشاكل سيؤدي إلى وجود عدد ضخم من المساكن يوازي الطلب يكون على أثرها هبوط أسعارها، كما أن بعض العادات الخاطئة في اقتصاد الفرد والبذخ غير المبرر في بعض الكماليات له دور في تلك المشكلة .
وأخيراً أعود وأكرر عزيزي القارئ لا يوجد أي ارتباط سعري بين الأراضي الخام والعقارات السكنية كما يدعي البعض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي