«عروض عقارية» .. كمائن في منصات التواصل الاجتماعي

«عروض عقارية» .. كمائن في منصات التواصل الاجتماعي
«عروض عقارية» .. كمائن في منصات التواصل الاجتماعي
«عروض عقارية» .. كمائن في منصات التواصل الاجتماعي
«عروض عقارية» .. كمائن في منصات التواصل الاجتماعي

في كل مرة يخرج معاذ من عمله في إحدى شركات البتروكيماويات العملاقة بمدينة الجبيل الصناعية، متجها إلى المحكمة العامة في الجبيل البلد، لحضور جلسة الصلح في القضية التي رفعها ضد أحد المحتالين، متأملا في استعادة المبالغ التي دفعها للمحتال الذي ادعى أنه مكتب عقاري في وسائل التواصل الاجتماعي واتفق معه على إيجار شقة سكنية في مدينة الجبيل وفق عقد رسمي صادر عن منصة "إيجار"، ليحول له قيمة الإيجار السنوي، ويكتشف لاحقا أنه محتال.

تزايدت حالات الاحتيال بشكل ملحوظ في المملكة، نتيجة التطور التكنولوجي الكبير الذي تشهده، واستخدام المواطنين للهواتف الذكية والخدمات المصرفية الرقمية.

 

برز الاحتيال العقاري من خلال نشر إعلانات مضللة ووهمية في وسائل التواصل الاجتماعي أخيرا، لإيجار وحدات عقارية بأسعار مغرية، ما أوقع عدد كبير في فخ المحتالين الذين استغلوا عدم إلمامهم وحاجتهم لمنزل بسعر مناسب.

وقال معاذ الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملا قصته مع الاحتيال: شاهدت إعلانا لمكتب عقاري على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وتواصلت معه بخصوص شقق للإيجار في الجبيل الصناعية "وفعلا أرسل مقطع فيديو للشقة المقصودة، وموقعها".

ويضيف: "طلبت منه معاينة الشقة والوقوف عليها بنفسي، وافق على طلبي فورا، وقال إنه سيتم التنسيق مع المالك، وما هي إلا ساعات حتى تم ترتيب موعد معاينة الشقة، وهي كانت ملحق بجانب بيت، وكان في استقبالنا شاب في العقد الثاني من العمر، بدا لي أنه ابن صاحب البيت".

وبعد معاينة معاذ المنزل بدا يلح ويصر الشاب الذي استقبلنا بإبداء رأيي في الشقة وإذا كنت راغبا فيها أم لا، لوجود أشخاص آخرين يرغبون في استئجارها، مضيفا: "في البداية كنت مترددا، وفضلت الاستئجار لمدة ستة أشهر فقط، لكن بدأ في تقديم تخفيضات مغرية بالسعر، حيث قدم سعر الإيجار لمدة عام كامل بمبلغ 28 ألف ريال شامل الماء والكهرباء، إضافة إلى أربعة آلاف ريال قيمة تأمين الشقة وعمولة المكتب، وهو ما دعاني إلى الموافقة فورا على السعر".

وبعد الموافقة طلب مني صورة من الهوية الوطنية لإتمام إجراءات العقد "وبالفعل أرسلت له صورة من الهوية الوطنية، وأرسل عقدا عن طريق منصة "إيجار"، وبما إني سبق أن تعاملت مع مكاتب عقارية من قبل، لم أواجه مشكلات ولم أتعرض لأي حالات نصب واحتيال، لذلك كانت لدي ثقة كبيرة بحسن النوايا، ولا سيما أن العقد صادر عن طريق منصة حكومية رسمية، لذلك تم التحويل".

ويقول: "اطلعت على تفاصيل العقد بما يشمل اسم المالك واسم المكتب، قيمة الإيجار، وكل الشروط كانت سليمة ولم تشوبها شبهة، ووافقت على العقد وحولت مبلغ الإيجار، إلا إنه طلب تحويل المبلغ على دفعتين، حتى يصل المبلغ بشكل أسرع".

موافقة الطرف الثاني

ويضيف معاذ، كان يتعين قبل تحويل المبلغ انتظار موافقة الطرف الثاني على العقد، وفي حال عدم موافقته خلال أسبوع يعد العقد ملغى وغير رسمي ولست ملزما قانونيا، لكن تم تحويل المبلغ، وانتظرت أسبوعا كاملا ولم يوافق الطرف الثاني على العقد.

بعد تحويل المبلغ اتصل بي وقال: إن المالك يرغب في التأجير لمدة عامين، وسنقدم لك خصومات كبيرة تصل إلى 50 ألف ريال قيمة الإيجار لمدة عامين، وكان بالنسبة لي عرضا مغريا، لكن رفضت لأني سأتملك منزلا بعد عامين، فاعتذرت عن ذلك.

وكررت اتصالاتي ليرسل سند القبض ويمنحني مفتاح الشقة، لكن لم أحصل على رد.

وبعد أيام عدة من المحاولات التي بلا رد، أوعزت إلى أحد أصدقائي للاتصال به مدعيا أنه يبحث عن شقة، وهنا المفاجأة لقد عرض عليه الشقة نفسها التي كان من المفترض أن انتقل إليها، اتضحت الصورة: إنه محتال.

ويضيف: "ورغم يقيني أنه محتال، سارعت لتقديم شكوى رسمية لدى مركز الشرطة في الجبيل الصناعية، الذين وجهوني لمراجعة مركز شرطة الجبيل البلد، الذي طالبني بتقديم الشكوى عن طريق تطبيق "كلنا أمن"، كما تقدمت بشكوى لدى المحكمة، وعقدت المحكمة جلسات صلح، لم يحضرها المحتال جميعها كما هو متوقع، لتنتقل القضية إلى القاضي للنظر فيها".

هيئة العقار لا ترد
بدورها، قامت "الاقتصادية" بإرسال تساؤلات للهيئة العامة للعقار عن القضية التي بدأت تتزايد بشكل ملحوظ، وعن كيفية تمكن المحتالين من إصدار عقود من منصة "إيجار"، بيد أن الهيئة لم ترد على تساؤلات "الاقتصادية" بذريعة نيتها إصدار بيان صحافي في وقت لاحق.

الحجز التحفظي
من ناحيته، قال المحامي طارق الصقير: إنه حين يبحث المستأجر عن مسكن مناسب له قد يواجه تعسفا من بعض المؤجرين فيما يتعلق ببنود عقد الإيجار، وهو الأمر الذي دفع منصة "إيجار" لتبني صيغة عقد إيجار إلكتروني موحد يكفل حقوق الطرفين ويوثق اتجاه إرادتهما لتنفيذ العقد المبرم من خلال اعتماد الطرفين لمسودة العقد لتصبح عقدا ملزما للطرفين. ولذلك يجب أن يتحقق المستأجر من قيام المؤجر باعتماد عقد الإيجار الموحد قبل سداد الدفعات المدونة في العقد الموحد.

وأشار المحامي طارق الصقير إلى أنه في حال ظهرت سوء نية من المؤجر عبر استلام دفعات من أجرة المسكن دون اعتماد العقد الإلكتروني في منصة إيجار، فللمستأجر رفع دعوى مستعجلة بالحجز التحفظي على أموال المؤجر استنادا إلى المادة الـ29 من نظام المرافعات الشرعية التي تنص على: "تختص محاكم المملكة باتخاذ التدابير التحفظية والوقتية التي تنفذ في المملكة".

وتوضح الفقرة الأولى من المادة 29 من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية أن التدابير التحفظية هي الإجراءات التي تتخذ من أجل حماية مال أو حق. وخلال نظر الدعوى المستعجلة يجب على المستأجر أن يقوم برفع دعوى أخرى ضد المؤجر للمطالبة باسترداد الأجرة تسمى "الدعوى الأصلية"، وذلك ليتم البت في النزاع وتنفيذ الحكم قبل رفع الحجز التحفظي على أموال المؤجر في الدعوى المستعجلة.

إشارات تنبيهية للاحتيال
من جهتها، أكدت المحامية والموثقة فاطمة الشهري، أنه من المعلوم أن جرائم الاحتيال من الجرائم التي أخذت طابع التميز والانتشار منذ فترة زمنية، واستفحل خطرها في عصرنا الحديث نتيجة استخدام الوسائل التقنية الحديثة، التي من خلالها يمارس المحتال أساليب ووسائل خداعية لاستدراج الضحية، لسلب الأموال والأصول وإلحاق الضرر به، وبتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، نجد كثيرا ما يتم تداول قصص لأشخاص كانوا عرضة للاحتيال.

وتبين الشهري أنه يتضح وجود تقصير من جانب الضحية، يظهر عليه حسن النية الذي سهل للمحتال الإيقاع به، حيث ظهرت خلال المفاوضة عدة إشارات تنبيهية على أن هناك شبهة في هذا الأمر، بداية من تواصله مع المكتب العقاري عن طريق إعلان عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وتبعها الشخص الذي كان في استقباله عند معاينته للعقار حسب وصف الضحية أنه قاصر سنا، وتحويله مبلغ الدفعة لحسابات شخصية دون التأكد من صحة عائدية ملكية العقار وقبل اعتماد العقد في شبكة إيجار من الطرفين.

معاينة العقار
وحذرت الشهري من الوقوع في مغبة الاحتيال، بالقول: "إذا كان الشخص بصدد شراء أو استئجار عقار فهناك عدة أمور يجب التأكد منها حتى لا تقع في فخ الاحتيال ومنها، معاينة العقار بنفسك والتأكد من أن الشخص الموجود أثناء المعاينة هو مالك العقار ويكون ذلك من خلال الاطلاع على الهوية، وصك الملكية، إذا كان وسيطا عقاريا تأكد من رقم رخصة من موقع الهيئة العامة للعقار، وعدم الاستئجار إلا عبر وسيط عقاري مرخص".

وشددت على ضرورة التحقق من مطابقة بيانات الأطراف مواصفات ملكية العقار للبيانات المذكورة في العقد، والتأكد من إكمال عملية توثيق العقد الإلكتروني في منصة (إيجار) قبل إجراء أي عملية دفع للمستحقات الإيجارية، وعدم تحويل المستحقات الإيجارية إلا من خلال قنوات الدفع الإلكترونية في منصة إيجار، شريطة أن يكون ذلك بعد توثيق العقد الإلكتروني.

وفي حال التعرض لعملية احتيال يجب تقديم بلاغ عبر تطبيق "كلنا أمن" جريمة نصب واحتيال، والمتابعة حتى تظهر حالتها -تمت المعالجة- التي تعني تم رصد الملاحظة وإرسالها للجهة المختصة، والتوجه لأقرب مركز شرطة للمراجعة برقم البلاغ، والتقدم بدعوى لدى المحكمة المختصة ضد الشخص المحول له المبلغ المالي على حسابه البنكي والمطالبة بالمبالغ المالية.

الأكثر قراءة