تنمية مستدامة ويوم عالمي للنمر العربي
إيمانا بأن صحة الإنسان وجودة حياته ترتبطان ارتباطا وثيقا بسلامة البيئة التي يعيش فيها واستدامتها، وانطلاقا من رؤية 2030 الطموحة، تعمل السعودية على إيجاد مبادرات مستدامة لتحسين جودة الحياة، من خلال حماية البيئة وتخفيض انبعاثات الكربون والتوسع في استخدام التقنيات الصديقة للبيئة، وكذلك تنمية الغطاء النباتي والحياة الفطرية، وزيادة الأراضي الخضراء، بإطلاق مبادرات "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، وذلك استشعارا لضرورة تضافر جهود دول المنطقة لتحقيق إنجاز بيئي شامل ومستدام.
من منطلق اهتمام السعودية الاستراتيجي بحماية البيئة وتنمية الحياة الفطرية، ازدادت مساحة المحميات الملكية لتشكل نحو 13.5 في المائة من إجمالي مساحة السعودية، وهذا ليس بالأمر البسيط، إذا علمنا مساحة السعودية الشاسعة، وعلاوة على ذلك أقرت التشريعات البيئية الضرورية، وأسست خمسة مراكز متخصصة، هي: المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والمركز الوطني لإدارة النفايات، والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، والمركز الوطني للأرصاد، وكذلك أنشأت قوات خاصة للأمن البيئي.
وتتويجا لهذه لجهود السعودية، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم العاشر من فبراير من كل عام يوما عالميا للنمر العربي، وذلك استنادا إلى مبادرة سعودية، وأشار قرار الجمعية العامة إلى أن الاختفاء السريع للنمر العربي من مناطق واسعة كان يوجد فيها في السابق في شبه الجزيرة العربية، يمثل انتكاسة كبيرة في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتحقيق الاستدامة في المنطقة.
لم يأت هذا القرار الأممي بتخصيص يوم العاشر من فبراير من كل عام ليكون يوما عالميا للنمر العربي إلا بجهود السعودية المبهرة في مجال استدامة تنمية الحياة الفطرية انطلاقا من مستهدفات رؤية 2030، التي توجها قرار مجلس الوزراء بتحديد يوم العاشر من فبراير من كل عام يوما للنمر العربي، ولتكون محمية شرعان في محافظة العلا موئلا لتوطينه وإعادة تكاثره، وواكب ذلك تأسيس مركز النمر العربي، وفق أعلى المعايير الدولية في هذه المحمية الطبيعية، وكذلك إنشاء الصندوق العالمي لحماية النمر العربي.
ولتعزيز الجهود السعودية في هذا المجال، تحتفل السعودية بأول يوم عالمي للنمر العربي، من خلال تنظيم مسيرات تحت اسم "كات ووك" لزيادة الوعي بأهمية النمر العربي، ولفت الأنظار إلى هذا الكائن الجميل، الذي يحتل مكانة كبيرة في نفوس أبناء شبه الجزيرة العربية، فهو يمثل القوة والشجاعة إلى جانب صفات الجمال، لذلك يوصف الرجل الشجاع بالنمر في الثقافة المحلية.
كما أطلقت وزارة الثقافة، مسابقة "قصة النمر العربي"، وهي أول مسابقة رقمية من نوعها للاحتفاء باليوم العالمي للنمر العربي، وتهدف إلى رفع الوعي حول النمر العربي لدى الأطفال اليافعين، وتعزيز مكانة المحميات الطبيعية التي يعيش فيها النمر العربي، إضافة إلى اكتشاف المواهب الواعدة في الكتابة والرسم.
لا شك أن تكاثر النمر العربي وازدهاره سيكون مؤشرا لنجاح السعودية في تحقيق مستويات عالية من التنمية في مجال الحياة الفطرية، نظرا لأهميته الحيوية للنظام البيئي خصوصا وشبه الجزيرة العربية عموما، خاصة إذا علمنا بأن أعداده تناقصت إلى درجة خطورة الانقراض، إذ لا يوجد سوى 200 نمر عربي فقط، وذلك نتيجة تضاؤل موئله الطبيعي، بسبب توسع الزراعة والمستوطنات البشرية، وكذلك تناقص فرائسه كالوعول والغزلان وغيرها.
ختاما، يعد إنجاز السعودية باعتماد يوم عالمي للنمر العربي واحدا من إنجازاتها المبهرة، التي يشهد لها القاصي والداني في مجال التنمية المستدامة من خلال حماية البيئة وتنمية الحياة الفطرية، وأخيرا أقترح أن يكون النمر العربي ضمن شعار قوات الأمن البيئي السعودي.