ما ينبغي أن يكون عليه المستثمر
دائما ما يتكرر هذا السؤال لدى المستثمرين بالأسواق المالية، والحقيقة أن الإجابة عليه تستلزم الحديث عن الاستثمار نفسه من وجهة نظر السائل، حيث يختلف تعريف الاستثمار بين الأفراد عن مفهومه العام لدى المؤسسات والجهات المالية سواء من حيث المعنى أو الوقت الذي ينبغي ألا تقل عنه مدة الاستثمار، فالجهات المالية ممثلة بمؤسساتها الحكومية أو الخاصة تعني بالمستثمر أي فرد يرغب بالتداول في أسواق المال، بينما الأفراد غالبا ما يطلقون هذا المصطلح على من يحتفظ بالأسهم والأوراق المالية لفترات طويلة.
لذلك دعونا نوضح مراحل الاستثمار وأدواتها التي من المفترض أن يعرفها المستثمر لاتخاذ قراراته الاستثمارية بشكل صحيح، بداية لا بد أن يبدأ المستثمر الذي يملك رأسمال يرغب في استثماره في الأسواق المالية أن يستثمر جزءا من هذا المال في تعلم ماهية الأسواق المالية وما تتضمنه من مخاطر وتثقيف نفسه عن مكوناتها وطرق الاستثمار بها، ولعل من أثمن النصائح التي قدمت بهذا المجال واختصرت الكثير عن الحديث عنه، هي نصيحة الملياردير وارن بافيت الرجل الذي ترعرع بين أروقة أسواق المال حتى اقترب من سن الـ100 عام، والذي تعد قيمة أسهم شركته التي يديرها من بين الأغلى سعراً على مستوى العالم، حيث تجاوز سعر سهم شركة بيركشاير التابعة له ال 500 ألف دولار للسهم الواحد.
يقول بافيت عندما سئل عن اهم استثمار " ان الاستثمار بالنفس هو الأهم والخطوة الأولى قبل كل شيء"، لذلك ينبغي للمستثمر بداية تخصيص جزء من رأس ماله للتعلم والاستبصار عن الأسواق المالية وما يتعلق بها من أساسيات على أقل تقدير.
يلي ذلك دراسة طبيعة السوق المالية والقطاعات المؤثرة والشركات القيادية بكل قطاع، وأبرز العوامل التي تؤثر إيجابا وسلباً في أداء هذه القطاعات، حتى يتمكن المستثمر من اختيار القطاع المناسب للاستثمار حسب كل فترة، فمن المعلوم ان هناك فترات تنشط فيها بعض القطاعات كالقطاعات المرتبطة ببعض المواسم كنهاية السنة أو ارتباطها بالإجازات ومواسم السياحة الجغرافية أو الدينية او حتى مواسم الطقس كقطاع الطاقة الذي عادة ما يرتفع بموسم الشتاء, بينما تكون هناك قطاعات خاملة وفقا للظروف الاقتصادية والنشاط التجاري لها، وتتناوب عادة هذه القطاعات بالحركة وقت ارتفاع السوق.
ومن الأساسيات كذلك التي تعد بالغة الأهمية دراسة الرسوم البيانية والتعرف على حركة الأسعار عندما تكون صاعدة أو هابطة، وأحجام التداول ومعدلات السيولة، وقد يكون من المناسب تعلم التحليل الفني والمالي والجمع بينهما، فالتحليل المالي يمنح المستثمر قراءة للشركات حسب قوائمها ونتائجها المعلنة، ويمكنه من اختيار الشركات الرابحة والمناسبة، بينما يمنحه التحليل الفني اختيار السعر المناسب للشراء والدخول وكذلك عند البيع والتخارج.
وعندما لا يتمكن المستثمر من الإلمام بما سبق فإن دخول في الأسواق المالية قد يحمل نتائج عكسية، تتسبب عليه بخسارة جزء أو كل رأٍسماله، لذلك قامت الجهات المعنية بأسواق المال بالترخيص للمؤسسات الاستثمارية من افتتاح الصناديق التي تجمع الأموال وتديرها حسب خبرتها نيابة عن الأفراد، كما أتاحت الاستعانة بمستشارين مرخصين لتوجيه الأفراد الذين لا يملكون الخبرة نحو الاستثمار الآمن والأفضل بما يتوافق مع متطلبات كل فرد منهم.
وختاما فالأسواق المالية رغم احتوائها على مخاطر مالية إلا أنها تعد إحدى القنوات المدرة للدخل والأشهر عالمياً والتي يمكن للأفراد الاستثمار بها بشكل مباشر أو من خلال المؤسسات المالية.