هل تتحول السعودية إلى وجهة لإعادة التصدير؟
تهدف رؤية السعودية لعام 2030 إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن القطاعات النفطية. يشمل ذلك مختلف المحاور مثل الإيرادات والصادرات. ونظرًا لما تمتلكه السعودية من مزايا مهمة مثل الموقع الجغرافي الرابط بين مختلف الأسواق، والبنية التحتية القوية، إضافة إلى العلاقات الاقتصادية القوية مع مختلف الدول. فإن تلك الإمكانات تجعلها مرشحة للتحول إلى مركز لإعادة التصدير في المنطقة والعالم، وقادرة على منافسة أهم الوجهات الرائدة حاليًا.
ويمكن القول إن السعودية قد بدأت في شق طريقها لتصبح مركزا لإعادة التصدير في المنطقة. فوفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية فقد ارتفع حجم إعادة التصدير في السعودية خلال 2024 بنسبة 42%، لتسجل 90 مليار ريال وذلك مقارنة بنحو 63 مليار ريال في عام 2023 ونحو 32 مليار ريال في عام 2017. التطور في قيمة إعادة التصدير أدى إلى ارتفاع نسبتها في إجمالي حجم الصادرات في 2024 إلى 7.9% وذلك مقارنة بنحو 3.9% في 2017.
وبالنظر إلى الفوائد التي تعود على الاقتصادات من إعادة التصدير، فإنها تتنوع بين إيرادات الرسوم والجمارك على البضائع والمنتجات المعاد تصديرها إلى الخارج. إضافة إلى فرص العمل التي تخلقها في مختلف القطاعات مثل الخدمات اللوجستية والمطاعم والفنادق والترفيه. لكن تظل الفائدة الأكبر في أنها تحول الدولة إلى مركز مهم للتجارة العالمية، وعنصر فاعل في سلاسل الإمداد والتوريد. الأمر الذي يسهم في جذب اهتمام المستثمرين تجاه الاقتصاد، حيث تتحول اتجاهات الشركات المنخرطة في إعادة التصدير إلى شراكات اقتصادية تشمل عمليات التصنيع والإنتاج.
وبالنسبة إلى المنتجات فإن تركيز السعودية يفضل أن ينصب على عدد معين من السلع التي تتميز بانخفاض أحجامها وارتفاع أسعارها. في مقدمتها تأتي الهواتف المحمولة والسلع الإلكترونية والذهب والمعادن الثمينة. على سبيل المثال يتم إنتاج الجزء الأكبر من السلع الإلكترونية في القارة الآسيوية، وتتمتع دول القارة بعلاقات اقتصادية قوية مع المملكة، حيث يمكن إقناع كبرى الشركات باتخاذ السوق السعودية كمركز لإعادة تصدير تلك المنتجات وبالأخص للأسواق غير المتشبعة بالسلع مثل القارة الإفريقية والشرق الأوسط.
وتشكل الظروف الجيوسياسية والتجارية التي يمر بها العالم في الوقت الحالي فرصة لدعم أهداف السعودية للتحول إلى مركز مهم لإعادة التصدير. حيث تخلق الرسوم الجمركية المتبادلة بين القوى الاقتصادية الكبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي عوائق أهم المنتجين للدخول إلى الأسواق المستهدفة بالرسوم. ونظرًا لما تتمتع به السعودية من علاقات قوية مع مختلف الأطراف، فيمكن تشجيع المنتجين العالميين على اتخاذ المملكة كمركز لإعادة التصدير. وهو ما قد يمثل نقطة البداية لاتخاذ تلك الشركات السوق السعودية كمركز للإنتاج والتصنيع وليس فقط إعادة التصدير في المستقبل.
وللاستمرار في دعم الجهود لتحويل المملكة إلى مركز عالمي لإعادة التصدير، فيقترح مجموعة من السياسات التي تسهم في تحقيق الهدف. تشمل التوسع في إنشاء المناطق الاقتصادية الحرة، حيث تشكل تلك المناطق أهمية كبيرة لإعادة التصدير نظرًا لما توفره من حوافز وبيئة أعمال مناسبة. تمثل البنية التحتية اللوجستية العمود الفقري لإعادة التصدير، لذلك يقترح إجراء توسعات مستمرة في البنية التحتية للموانئ والمطارات، لتكون قادرة على التعامل مع مختلف السلع والبضائع.
تلعب الوكالات التجارية في الخارج دورا مهما في دعم إعادة التصدير، حيث تعمل على جذب أهم الشركات العالمية لاتخاذ المملكة كوجهة للتجارة والتصدير. يلعب الإعلام دورا مهما، لذلك يفضل إطلاق حملات إعلانية للترويج للمملكة عالميًا باعتبارها موقعا مميزا للتجارة وإعادة التصدير.
ختامًا تمتلك السعودية فرصة مهة للتحول إلى وجهة رئيسية لإعادة التصدير في المنطقة والعالم. حيث تملك مختلف المقومات التي تمكنها من تحقيق ذلك الهدف، بداية من الموقع الجغرافي، وصولًا إلى الشراكات الاقتصادية القوية سواء مع الدول المصدرة أو المستوردة. وتصب التوترات العالمية في خدمة المملكة لتحقيق هدفها، حيث أصبحت تسود حالة من الشك بين أكبر الاقتصادات في العالم بسبب قضايا عدة أهمها التجارة.