معالي الوزير يتحدّى..!
«معظم من يرفضون لقاح إنفلونزا الخنازير اليوم سيصطفون غداً بكامل رغبتهم لأخذه.. وستشاهدون ذلك بأنفسكم».. بهذا المعنى رد معالي وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة على سؤال وجهته له في ملتقى النقاش الذي أقامه نادي «الاقتصادية» الصحفي عن إعلان كثير من الناس تخوفهم من اللقاح والشائعات المتداولة حوله, وجاء رد معاليه بنبرة تحدٍ واثقة, وهو ما يبعث على الاطمئنان، كون الدكتور الربيعة يحظى بمحبة وثقة ملايين السعوديين الذين لطالما فاخروا به واعتبروه رمزاً قبل تسلمه الوزارة وبعد ذلك أيضاً.
بالنسبة لي أعترف بأنني أكن الكثير من المحبة للدكتور عبد الله وأثق به, وهو ما دعاني للكتابة اليوم عنه, وعن اللقاء الذي كان رائعاً ومفيداً بحق, والذي تعرفت فيه مع الزملاء في «الاقتصادية», على استراتيجية وزارة الصحة الجديدة, وأقول هنا «استراتيجية» رغم رفض معالي الوزير إطلاق هذا الاسم عليها وإصراره على تسميتها بـ «المشروع», ذلك لأنها تبدو خطة واضحة المعالم تماماً لتطوير القطاع الصحي الحكومي وتمثل نقلة نوعية لخدمات الرعاية الصحية في المملكة خلال السنوات الخمس المقبلة, وإن لم تكن هذه استراتيجية حقاً فما هي الاستراتيجية؟!
إنني أتفهم جيداً دوافع معاليه لعدم إطلاق مسمى الاستراتيجية عليها, والتي تتمثل في عدم إقرار تمويلها من قبل وزارة المالية حتى الآن, وهو ما يبقيها حبراً على ورق حتى تحل هذه المشكلة ويتم توفير الميزانية المناسبة لقفزة بهذا الحجم, لكن ذلك لا يمنع - برأيي - من أن تدعو وزارة الصحة الشركات والمؤسسات الوطنية الكبرى, لدعم هذه الاستراتيجية وتوجيه جزء كبير من ميزانياتها المخصصة للمسؤولية الاجتماعية لدعم مشروع الوزارة الذي من شأنه أن ينهض بالقطاع الصحي نهضة شاملة, ولعل مساهمة القطاع الخاص في دعم هذه الاستراتيجية تعد من صميم مسؤوليته تجاه المجتمع.
إن الناس يمنحون ثقتهم عادة لجهات القطاع الخاص التي تستشعر مسؤولياتها تجاه مجتمعهم, وهذا أمر ينطوي على تعزيز نجاح تلك الجهات وترسيخ صورتها المضيئة في أذهانهم, فأنا كمواطن من أبناء هذا المجتمع يهمني أن أتعامل مع شركة تدعم التنمية الوطنية وتتحمل مسؤوليتها تجاه المجتمع, ولا أنظر باحترام لأي شركة كل همها أن تنفض جيوب المواطن دون أن تقدم شيئاً للناس الذين تحصد أرباحها من قوتهم وقوت عيالهم.
أحد الزملاء الكتاب ذكر خلال اللقاء مع معالي الوزير أن وزارة الصحة تعد أهم وزارة بالنسبة للمواطن، فهي أول من يستقبله حين وصوله إلى هذا العالم بشهادة الميلاد, وهي أيضاً آخر جهة تودعه عند رحيله بشهادة الوفاة, وأنا أؤكد هنا أن بين أول لقاء للمواطن بالوزارة وآخر لقاء يجمعهما, لقاءات أهم بكثير, نظراً لأنها قد تطيل الفترة الزمنية بين اللقاءين أو قد تنهيها بغلطة أو تقصير أو حتى عجز عن التعامل مع حالة المريض لضعف الكادر الطبي أو التجهيزات.
بقي أن أقول إنني متفائل كثيراً بوجود معالي الدكتور عبد الله الربيعة على رأس هرم وزارة الصحة, وأتوقع أنه قادر خلال الفترة القادمة على خلق صورة جديدة للوزارة في أذهاننا, وأن السعوديين لن يقضوا الوقت مستقبلاً في الحديث عن الذكريات الجميلة التي تختزنها ذاكرتهم عن فترة تسلم معالي الوزير الدكتور غازي القصيبي وزارة الصحة فقط كما جرت العادة, هذا طبعاً مع كامل الاحترام لجهود جميع الوزراء المخلصين الذين مروا على هذه الوزارة.