السلع الرمضانية .. متوافرة والأسعار متباينة
رغم وفرة المعروض من جميع السلع الرمضانية وتعدد الخيارات أمام المستهلك، إلا أن هناك ارتفاعا رصدته وزارة التجارة من خلال الزيارات الميدانية التي يقوم بها موظفوها في المراكز والمحال التجارية. ومع أن هذا الارتفاع في الأسعار يعد طفيفا إلا أنه غير ملائم مع متطلبات التسويق العالية وخصوصا في شهر رمضان، حيث يتضاعف حجم الطلب ويزداد معدل الاستهلاك والإنفاق للأسرة، وكذلك المحال التجارية التي تعمل في مجال تقديم الأطعمة كجزء من نشاطها. واللافت هنا أين ذهبت التخفيضات التي كانت تقدمها المراكز والمحال التجارية في موسم رمضان كل عام.
لقد تضمن تقرير وزارة التجارة وجود ارتفاع في متوسط الأسعار واستقرار ارتفاعها بزيادة على الأعوام الماضية، بل تباين بين المراكز والمحال التجارية الكبرى في التسعير للسلع الأساسية التي يزداد الطلب عليها في الأسواق المحلية، ويبدو أنه أصبح هناك وضع جديد لأسعار السلع في رمضان، حيث تبدأ بالارتفاع قبل دخول الشهر وتستمر لأيام قليلة ثم تعود لمعدلها بعد أن تكون حمى الاستهلاك قد قاربت على الانتهاء.
إن من حق المستهلك أن يقوم بجولة لمعرفة مستوى الأسعار بين المحال والمراكز التجارية، وهو سلوك الزبون الحريص على الحصول على أفضل الأسعار وأجود المواد الغذائية، ويعكس مستوى وعي جيد يفرض على البائعين التقيد بالمستوى المتوسط للأسعار وتجنب المغالاة وجذب العملاء عن طريق المنافسة الأفضل في الأسعار.
ويتوقع المتابعون للأسواق أن يكون موسم رمضان هذا العام الأصعب على الكثيرين وخاصة من ذوي الدخل الأقل، حيث تزامنت فترة الإجازة وما فيها من مناسبات استنزفت كثيرا من المصروفات مع قرب دخول شهر رمضان المبارك ومتطلباته التي قد تكلف رب الأسرة صرف راتبه كاملا للحصول على مستلزمات الشهر الكريم، في الوقت الذي يتم فيه استغلال موسم رمضان الاستهلاكي لزيادة الأسعار بعذر مكرر وهو ارتفاع الأسعار من المصدر.
ولتوضيح عدم صحة هذا السبب في كثير من الحالات، يشير تقرير وزارة التجارة إلى توافر الكميات الكافية وعدم وجود مبرر للزيادة في بعض السلع وتباين الأسعار بشكل واضح غير مبرر أيضاً، كما أن المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق أمنت الكميات الكافية من أنواع الدقيق وفي وقت مبكر وبأسعار جيدة، ولذا فإن الزيادة في الأسعار وإن كانت طفيفة واستقرارها على مستوى مرتفع لا يعدو أن يكون نوعاً من استغلال موسم رمضان للتسويق بأرباح عالية، وهي مغالاة غير مبررة وتبدو نوعا من تكاتف بعض التجار ضد المستهلكين وبصورة تجعل من المنافسة بينهم ليست لمصلحة المستهلكين بل ضدهم.
ولو رجعنا لأيام قليلة مضت ووقفنا على خطبة فضيلة إمام المسجد الحرام في مكة المكرمة لوجدناه يشير إلى أن الغلاء المصطنع ليس في مصلحة الأسواق والتجار عموما، كما أن عدم التدخل الرسمي في الأسعار ناتج عن قناعة بأهمية دور التاجر ووعيه لدوره في المجتمع، فضلا عن التزامه بأحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم الاحتكار والمغالاة، كما أن الالتزام بأنظمة الدولة وتعليماتها المتعلقة بتوفير السلع الغذائية وعدم المغالاة التي تحقق الأرباح العالية على حساب العملاء، حيث تتضرر الشريحة الأكبر منهم مما يضطرهم إلى الاستدانة أو التخلي عن بعض متطلباتهم الأساسية، وهذه نتائج لا يقبلها الدين الإسلامي بل يعتبرها معبرة عن عدم التعاون والتكاتف بين أفراده.