الآن .. القانون والمجتمع يواجهان العنف الأسري

المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل يؤكد بلوغ عدد قضايا العنف الأسري والإيذاء في المملكة منذ بداية عام 1434هـ في جميع محاكم السعودية 108 قضايا؛ تشمل عنفاً أسرياً وضرباً واغتصاباً وحبساً وإهانات ومنع الحقوق والإهمال، وتزامن هذا التصريح مع ندوة تضمنت مناقشة نظام الحماية من الإيذاء، حيث وجّهت انتقادات من قانونيين وأكاديميين، إضافة إلى انتقادات من أعضاء مجلس الشورى، وكانت أبرز تلك الانتقادات من النساء الحاضرات، حيث خلا النظام من وجهة نظرهن من تجريم تزويج القاصرات وعدم احتساب هذا الفعل من أنواع الإيذاء بحقهن.
إن حالات العنف الأسري ضدّ النساء والأطفال فرضت، بسبب تزايدها، سن قانون للحماية من الإساءة والاستغلال سواء كان ذلك العنف ضدّ الأطفال صادراً من الأبوين أو أحد الأقرباء أو أي طرف كان في البيت أو المدرسة، فالطفل في صياغة النظام هو مَن لم يتجاوز 18 من العمر، وبعد أن تزايدت حالات العنف ضدّ الأطفال أصبح لزاماً على المجتمع أن يبحث عن حلول غير تقليدية لها طابع الحزم، حيث لا ينفع الوعظ للتعامل مع بعض حالات العنف الأسري؛ فالوازع الديني والأخلاقي والإنساني انهار تماماً في بعض الحالات التي تمّ عرضها على جهات التحقيق ثم القضاء، فالتعذيب ثم الضرب المُفضي إلى الموت كانا أبشع الصور التي كشف عنها بعد اتخاذ إجراءات التحقيق النظامية.
إن مشكلة العنف الأسري ما زالت دون حد الظاهرة الاجتماعية، لكنها تزايدت في السنوات الخمس الماضية، فوفقاً لإحصائيات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، فإن نسبة قضايا العنف الأسري بواقع 22 في المائة من إجمالي 5600 حالة تلقتها الجمعية، وما لم يتم إعطاء دور للمدرسة والمرأة في مواجهة جرائم العنف ضدّ الأطفال، فإن هذه الجريمة المستجدة على المجتمع ستتحوّل إلى ظاهرة لا يمكن الوقاية منها سوى بقانون صارم وصلاحيات واسعة للجهات التربوية، ولكل مَن يبلغه علم بوجود عنف ضدّ الطفل. وبادر مجلس الوزراء الموقر إلى تكليف الجهات المعنية بوضع استراتيجية وطنية شاملة للتعامل مع مشكلة العنف الأسري على جميع المستويات مع تدعيم مناهج التعليم الدراسية بمفاهيم واضحة تحث على التسامح ونبذ العنف، أما على الصعيد الإعلامي وهو الأقرب تأثيراً في السلوك فقد قرّر مجلس الوزراء أن تكون هناك خططٌ إعلامية توعوية تركّز على البرامج الوقائية اللازمة لذلك من خلال مؤسسات إعلامية متخصّصة.
وإن من الواجب أن يتحرّك كل فرد بدءاً من ذاته ليواجه سلوك العنف المرفوض شرعاً وخلقاً، خصوصاً داخل الأسرة، فاليوم هناك خطوات وضعها مجلس الوزراء ولم يعد هناك ما يبرّر تناول هذا الموضوع الحساس بالاستحياء والسلبية سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الأهلي؛ لأن حالات العنف الأسري ضدّ المرأة وضدّ الطفل لم تكن لدى أذهاننا القدرة على تصورها، فإن المكان الأخير الذي يمكن أن توجد فيه الجريمة هو البيت، ففي إطار الأسرة الواحدة المكوّنة من الأبوين والأبناء توجد العاطفة والحب والتضحية وكلها تقاوم؛ بل تنفي فكرة الإقدام على العنف، ولكن اليوم يحدث ما لم يكن متصوراً، وأصبح لزاماً على المجتمع أن يبحث عن حلول للتعامل مع حالات العنف الأسري.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي